للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

احتجوا عليه بأبيه يقول: "إن عمر لم يرد ما تقولون" فإذا أكثروا عليه قال: "أفرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحق أن تتبعوا (١)، أم عمر؟ " (٢).

والمقصود: أن هذا وأمثاله سياسة جزئية بحسب المصلحة، يختلف باختلاف الأزمنة، فظنها من ظنها شرائع عامة لازمة للأمة إلى يوم القيامة، ولكلٍّ عذرٌ وأجرٌ. ومن اجتهد في طاعة الله ورسوله فهو دائر بين الأجر والأجرين.

وهذه السياسة التي ساسوا بها الأمة وأضعافها هي من تأويل القرآن والسنة. ولكن: هل هي من الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة، أم من السياسات الجزئية التابعة للمصالح، فيتقيد بها زمانًا ومكانًا؟

ومن ذلك: جمع عثمان - رضي الله عنه - الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة (٣) التي أطلق لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القراءة بها، لما كان ذلك مصلحة. فلما خاف الصحابة - رضي الله عنهم - على الأمة


(١) في "جـ": "أن يتبع".
(٢) رواه أحمد (٢/ ٩٥)، والترمذي (٢/ ١٧٥) رقم (٨٢٤)، وأبو يعلى (٩/ ٣٤١) رقم (٥٤٥١) ورقم (٥٥٦٣)، وأبو عوانة (٢/ ٣٤٣) رقم (٣٣٦٦)، والبيهقي (٥/ ٣٠) رقم (٨٨٧٦). وصححه النووي في المجموع (٧/ ٣٥).
(٣) رواه البخاري (٨/ ٦٢٧) رقم (٤٩٨٧) مع الفتح. اختلف أهل العلم في معنى الأحرف السبعة على خمسة وثلاثين قولًا. وجمهور العلماء على أن المراد سبعة أوجه من المعاني المتفقة بالألفاظ المختلفة. نحو: أقبل وهلم، وعجل وأسرع، وأنظر وأخِّر وأمهل. انظر: غريب الحديث لأبي عبيد (٢/ ١٤٠)، البرهان في علوم القرآن للزركشي (١/ ٢١٣)، فضائل القرآن لأبي عبيد (٢/ ١٦٣)، تفسير ابن جرير (١/ ٥٣)، مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٩٠).