للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

علي فكبر (١) الحاضرون معه، والمتهمون لا علم لهم إلا أنهم ظنوا أن صاحبهم قد أقرَّ عليهم. ثم دعا آخر بعد أن غيَّب الأول عن مجلسه، فسأله كما سأل صاحبه، ثم الآخر كذلك، حتى عرف ما عند الجميع، فوجد كل واحد منهم يخبر بضد ما أخبر به صاحبه، ثم أمر برد الأول، فقال: يا عدو الله، قد عرفتُ غدرك (٢) وكذبك بما سمعتُ من أصحابك، وما ينجيك من العقوبة إلا الصدق، ثم أمر به إلى السجن، وكبَّر، وكبر معه الحاضرون، فلما أبصر القوم الحال لم يشكُّوا أن صاحبهم أقرَّ عليهم، فدعا آخر منهم، فهدده، فقال: يا أمير المؤمنين والله لقد كنت كارهًا لما صنعوا، ثم دعا الجميع فأقروا بالقصة، واستدعى الذي في السجن، وقيل له: قد أقرَّ أصحابك ولا ينجيك سوى الصدق، فأقرَّ بمثل (٣) ما أقر به القوم، فأغرمهم المال، وأقاد منهم بالقتيل (٤).

ورُفِع إلى بعض القضاة رجل ضرب رجلًا على هامته، فادعى المضروب: أنه أزال بصره وشمه، فقال: يُمتحن، بأن يرفع عينيه إلى قرص الشمس، فإن كان صحيحًا (٥) لم تثبت عيناه لها، وينحدر منها الدمع، وتحرق خرقة وتقدم إلى أنفه، فإن كان صحيح الشم: بلغت


(١) "فكبر" ساقطة من "ب".
(٢) "غدرك" ساقطة من "ب". وفي "جـ" "عنادك".
(٣) في "ب" و"جـ" و"هـ": "بكل".
(٤) رواه مختصرًا عبد الرزاق (١٠/ ٤٢)، والبيهقي (١٠/ ١٧٩). وانظر: فيض القدير (١/ ٥٨٨)، المحلى (١١/ ١٤٢)، معين الحكام (١٧٣).
(٥) في "ب": "فإن فتحها".