للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: فأنت كيف كانت قصتك؟ فقال: اعتراني فلس، فقتلت الرجل طمعًا في ماله، ثم سمعت حس العسس، فخرجت من الخربة، واستقبلت هذا القصاب على الحال التي وصف، فاستترت منه ببعض الخربة حتى أتى العسس، فأخذوه وأتوك به. فلما أمرتَ بقتله علمت أني أبوء بدمه (١) أيضًا فاعترفت بالحق. فقال علي للحسن - رضي الله عنهما -: ما الحكم في هذا؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن كان قد قتل نفسًا فقد أحيا نفسًا، وقد قال تعالى: {وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: ٣٢]، فخلى عليٌّ - رضي الله عنه - عنهما، وأخرج دية القتيل من بيت المال (٢).

وهذا إن وقع صلحًا برضى الأولياء فلا إشكال، وإن كان بغير رضاهم فالمعروف من أقوال الفقهاء: أن القصاص لا يسقط بذلك؛ لأن الجاني قد اعترف بما يوجبه، ولم يوجد ما يسقطه، فيتعين استيفاؤه.

وبعد: فلحكم أمير المؤمنين (٣) وجهٌ قوي، وقد وقع نظير هذه القصة في زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أنها ليست في القتل.

قال النسائي: حدثنا محمد بن يحيى (٤) بن كثير الحراني، حدثنا


(١) في "أ": "بذنبه".
(٢) انظر: المغني (١٢/ ٢٠١)، تصحيح الفروع (٥/ ٦٤٤)، حاشية ابن قندس على الفروع (٣٨٦).
(٣) في "ب": "علي رضي الله عنه".
(٤) في "هـ": "علي".