للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الحاكم (١).

والذي يدل عليه الكتاب والسنة وقواعد الشرع: أنه لا يحبس في شيء من ذلك، إلا أن يظهر بقرينة أنه قادر مماطل، سواء كان دَيْنُهُ عن عوض أو عن غير عوض، وسواء لزمه باختياره أو بغير اختياره، فإن الحبس عقوبة، والعقوبة إنما تسوغ بعد تحقق سببها، وهي من جنس الحدود، فلا يجوز إيقاعها بالشبهة، بل يتثبت الحاكم، ويتأمل حال الخصم، ويسأل عنه، فإن تبين له مَطْلُه وظلمُه ضربه إلى أن يُوفِّي أو يحبسه (٢)، وإن تبين له بالقرائن والأمارات عجزه لم يحل له أن يحبسه (٣) ولو أنكر غريمه إعسارَه، فإن عقوبة المعذور شرعًا ظلم، وإن لم يتبين له من حاله شيء أخَّره حتى يتبين له حاله.

وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لغرماء المفلس الذي لم يكن له ما يوفي دينه: "خُذوا ما وَجدْتُمْ، وليس لكُمْ إِلا ذلك" (٤).

وهذا صريح في أنهم ليس لهم إذا أخذوا ما وجدوه إلا ذلك، وليس لهم حبسه ولا ملازمته. ولا ريب أن الحبس من جنس الضرب،


(١) المبسوط (٢٠/ ٨٩)، البناية (٨/ ٣٧)، أنفع الوسائل (٣٤٩)، معين الحكام (١٩٨). وانظر: المراجع السابقة.
(٢) في "أ": "حبسه".
(٣) "وإن تبين له بالقرائن والأمارات عجزه لم يحل له أن يحبسه" ساقط من "ب" و"جـ" و"هـ".
(٤) رواه مسلم رقم (١٥٥٦) (١٠/ ٤٧٧) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.