فصل: ومنها التداعي بدعوى الجاهلية وهي الانتصار بالعصبية والحمية للعصبية كنسب أو قبيلة أو شيخ أو مذهب، ففي الصحيحين عن ابن مسعود أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ليس منَّا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية"، وقال أبو نضرة: حدَّثني من سمع خطبة النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في أوسط أيَّام التشريق فقال: "أيها النَّاس ألا إنَّ ربكم واحد وإنَّ أباكم واحد، ألا لا فضل لعربيٍّ على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلَّا بالتقوى، أبلغت؟ قال: بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -". رواه الإمام أحمد. فصل: ومنها ترك الجمعة والجماعة، قال تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} وقال: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ} الآية، فأمر بالجماعة ولم يرخص في تركها في حال الخوف وهي من أشد الأعذار، وقال: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ (٤٢) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ (٤٣)}. قال ابن عباس: وهو قول المؤذِّن: حي على الصلاة حي على الفلاح، وقال النَّبي - صلى الله عليه وسلم - للأعمى الَّذي سأله أن يرخص له أن يصلي في بيته: "أتسمعُ النِّداء؟ قال: نعم، قال: ما أجد لك رخصة". رواه أحمد وأبو داود، وفي صحيح مسلم أنَّه رخص له فلمَّا ولَّى دعاه فقال: "أتسمع النَّداء، قال: نعم، قال: فأجب"، وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود قال: "من سرَّهُ أن يلقى اللهَ غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصلوات الخمس حيث ينادى بهنَّ، فإنَّهنَّ من سنن الهدى، وإنَّ الله شرع لنبيه سنن الهدى، ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنَّة نبيكم، ولو تركتم سنَّة نبيكم لضللتم، ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلَّا منافقٌ معلومُ النِّفاق، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتَّى يُقام =