للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله (١) " فعجبٌ آخر؛ لأنَّ اليمين مع الشاهد ثابتٌ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو في كتاب الله، قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

قلت: ليس في واحدٍ من الأمرين عجب.

أمَّا حكايته الإجماع فإنَّه لم يقل: لا خلاف أنَّه لا يحكم بالنكول، بل إذا نكلَ وردَّ اليمين، حُكِمَ له بالاتفاق، فإنَّ فقهاء الأمصارِ على قولين (٢): منهم من يقول: يقضى بالنكول، ومنهم من يقول: إذا نكل رُدَّت اليمين على المدعي فإن حلفَ حكم له، فهذا الَّذي أراد مالك (٣) - رحمه الله -: أنَّه إذا رد اليمين مع نكول المدعى عليه لم يبقَ فيه اختلاف في بلدٍ من البلدان، وإن كان فيه اختلاف شاذ.

وأمَّا تعجبه من قوله: "إنَّ الشاهد واليمين ليس في كتاب الله" فتعجبه هو المتعجب منه، فإنَّ المانعين من الحكم بالشاهد واليمين يقولون: ليس هو في كتاب الله تعالى، بل في كتاب الله (٤) خلافه، وهو اعتبار الشاهدين (٥)، فقال مالك - رحمه الله تعالى -: إذا كنتم تقضون


(١) قوله "فليقر باليمين مع الشاهد وإن لم يكن في كتاب الله" ساقط من "د" و"هـ".
(٢) سبق تفصيله قريبًا، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله ثلاثة أقوال وسيذكر قولين آخرين آخر الفصل.
(٣) انظر: الاستذكار (٢٢/ ٥٧).
(٤) "بل في كتاب الله" ساقط من "ب".
(٥) في قوله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢].