للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والخوارج من أصدق النَّاس لهجة، وقد كذبوا على اللهِ ورسوله، وكذلك القدرية والمعتزلة، وهم يظنون أنَّهم صادقون غير كاذبين، فهم متدينون بهذا الكذب، ويظنونه من أصدق الصدق.

واحتجَّ المانعون أيضًا بأنَّ في قبول شهادتهم إكرامًا لهم، ورفعًا لمنزلتهم وقدرهم، ورذيلة الكفر تنفي ذلك.

قال الآخرون: رذيلة الكفر لم تمنع قبول قولهم على المسلمين للحاجة بنص القرآن (١)، ولم تمنع ولاية بعضهم على بعض، وعرافة بعضهم على بعض، وكون بعضهم حاكمًا وقاضيًا عليهم، فلا نمنع أن يكون بعضهم شاهدًا على بعض، وليس في هذا تكريمٌ لهم، ولا رفع لأقدارهم، وإنَّما هو دفعُ شر (٢) بعضهم (٣) عن بعض، وإيصال حقوق أهل الحقوق منهم بقول من يرضونه (٤)، وهذا من تمام مصالحهم التي لا غنى لهم عنها.

وممَّا يوضح ذلك، أنَّهم إذا رضوا بأن نحكم بينهم، ورضوا بقبول


(١) الآية (١٠٦) وما بعدها من سورة المائدة. قال عنها مكي بن أبي طالب رحمه الله في كتابه المسمَّى بالكشف (١/ ٤٢٠): "هذه الآية في قراءتها وإعرابها وتفسيرها ومعانيها وأحكامها من أصعب آي القرآن وأشكلها" حاشية الجمل على الجلالين (١/ ٣٠٧)، الدر المصون للسمين الحلبي (٤/ ٤٥٣)، تفسير الرَّازي (١٢/ ١٠١)، فتح الباري (٥/ ٤٨٠)، تفسير القرطبي (٦/ ٣٤٦)، تفسير الشوكاني (٢/ ١٢٥).
(٢) في "د" و"هـ": "شرهم".
(٣) "بعضهم" ساقطة من "هـ".
(٤) في "أ": "يرتضونه".