للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمقبول إلا بحجة صحيحة لا معارض لها، ولا يمكن أحد قط أن يأتي بنص صحيح صريح متأخر عن هذه الآية مخالف لها لا يمكن الجمع بينه وبينها، فإن وجد إلى ذلك سبيلًا صح النسخ، وإلا فما معه إلا مجرد الدعوى الباطلة، ثم قد قالت أعلم نساء (١) الصحابة بالقرآن (٢): إنه لا منسوخ في المائدة (٣)، وقاله غيرها أيضًا من السلف (٤)، وعمل بها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعده (٥)، ولو جاز قبول دعوى النسخ بلا حجة لكان كل من احتج عليه بنص يقول: هو منسوخ، وكأن القائل لذلك لم يعلم أن معنى كون النص منسوخًا أن الله سبحانه حرم العمل به، وأبطل (٦) كونه من الدين والشرع، ودون هذا مفاوز تنقطع فيها الأعناق.

قالوا (٧): وأما قول من قال: المراد بقوله: {مِنْ غَيْرِكُمْ} أي من غير قبيلتكم، فلا يخفى بطلانه وفساده، فإنه ليس في أول الآية خطاب


(١) "نساء" ساقطة من "أ".
(٢) أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -.
(٣) تقدم تخريجه ص (٤٩٢).
(٤) قال الحافظ ابن حجر: "صحَّ عن ابن عباس وعائشة وعمرو بن شرحبيل وجمع من السلفِ أنَّ سورة المائدة محكمة" ا. هـ. فتح الباري (٥/ ٤٨٣)، وانظر: النَّاسخ والمنسوخ لابن النحاس (٢/ ٢٣٢)، والنَّاسخ لأبي عبيد رقم (٢٥٠)، وناسخ القرآن ومنسوخه لابن الجوزي (٢/ ٢٣٢).
(٥) كأبي موسى الأشعري، وقد تقدم تخريجه ص (٤٨٨).
(٦) في "أ": "فأبطل".
(٧) انظر: الشرح الكبير (٢٩/ ٣٣٤)، وشرح الزركشي (٧/ ٣٤٠)، إعلام الموقعين (١/ ١٣٣).