للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشارع إلى ذلك أعظم تشوفًا (١)، فالقرعة شرعت لإخراج المستحق تازة، ولتعيينه تارة، وها هنا أحد المتداعيين هو أبوه حقيقة، فعملت القرعة في تعيينه، كما عملت في تعيين الزوجة (٢) عند اشتباهها بالأجنبية، فالقرعة تخرج المستحق شرعًا، كما تخرجه قدرًا.

وقد تقدم في تقرير صحتها واعتبارها ما فيه شفاء، فلا استبعاد في الإلحاق بها عند تعينها طريقًا، بل خلاف ذلك هو المستبعد.

الأمر الثاني: إلزام من خرجت له القرعة بثلثي الدية لصاحبيه، وهذا أيضًا له وجه (٣)، فإن وطء كل واحد من الآخرين كان صالحًا لحصول الولد له، ويحتمل أن يكون الولد له في نفس الأمر، فلما خرجت القرعة لأحدهم أبطلت ما كان كل من الواطئين يرجوه (٤) من حصول الولد له، فقد بذر كل منهم بذرًا يرجو أن يكون الزرع له، فقد


(١) انظر: زاد المعاد (٥/ ٤٣١).
(٢) في "د" و"هـ" و"و": "أمه".
(٣) وقال ابن القيم رحمه الله: "وسألت عنه شيخنا فقال: له وجه ولم يزد"، وقال عقبه: "ولكن قد رواه الحميدي في مسنده بلفظ آخر يدفع الإشكال جملة قال: "وأغرمه ثلثي قيمة الجارية لصاحبيه" وهذا لأنَّ الولد لما لحق به صارت أم ولد وله فيها ثلثها فغرمه قيمة ثلثيها الَّلذين أفسدهما على الشريكين بالاستيلاء، فلعلَّ هذا هو المحفوظ، وذِكْر ثلثي دية الولد وهم أو يكون عبَّر عن قيمة الجارية بالدِّية لأنَّها هي التي يودى بها فلا يكون بينهما تناقض، والله أعلم" ا. هـ، تهذيب السنن (٣/ ١٧٨)، وانظر: زاد المعاد (٥/ ٤٣١)، إعلام الموقعين (٢/ ٢٩)، مسند الحميدي (٨٠٢).
(٤) "يرجوه" مثبتة من "أ".