للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد توقف في الجواب في رواية أبي الحارث، فإنَّه قال: سألت أبا عبد الله، قلت: فإن طلَّق واحدة من أربع وأقرع بينهنَّ، فوقعت القرعة على واحدة، وفرَّق بينه وبينها، ثمَّ ذكر وتيقين - بعدما فرَّق الحاكم بينهما - أنَّ التي طلَّق في ذلك الوقت هي غير التي وقعت عليها القرعة؟ قال: اعفني من هذه، قلت: فما ترى العمل فيها؟ قال: دعها، ولم يُجِب فيها بشيء (١).

قلت: أمَّا إذا تزوجت فلا يقبل قوله: إنَّ المطلقة غيرها، لما فيه من إبطال حقَّ الزوج.

فإن قيل: فلو أقام بينة أنَّ المطلقة غيرها.

قيل: لا ترد إليه أيضًا، فإنَّ القرعة نصبت (٢) طريقًا إلى وقوع الطلاق فيمن أصابتها، ولو كانت غير المطلقة في نفس الأمر، فالقرعة فرقت بينهما، وتأكدت الفرقة بتزويجها.

فإن قيل: فهذا ينتقض بما إذا ذكر قبل أن تنكح.

قيل: أمَّا إذا انقضت عدتها وملكت نفسها، ففي قبول قوله عليها نظر، فإن صدقته أنَّ المطلقة كانت غيرها، فقد أقرَّت له بالزوجية، ولا منازع له، وأمَّا إذا ذكر وهي في العدة، فإن كان الطلاق رجعيًّا فلا إشكال، فإنه يملك رجعتها بغير رضاها، فيقبل قوله إنَّ المطلقة غيرها، وإن كان الطلاق بائنًا، فله عليها حق حبس العدة، وهي


(١) انظر: الإنصاف (٢٣/ ٥٣).
(٢) في "أ": "تصيب".