للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا يجوزُ أن يشتريَ شيئًا من ذلك كلِّه مجهولًا بمعلوم من صِنفِه، ممّا يجوزُ فيه التفاضُلُ وممّا لا يجوزُ. وقد نصَّ (١) على أنه لا يجوزُ بيعُ الزيتونِ بالزيت، ولا الجُلجُلانِ بدُهنِ الجُلجُلان (٢)، ولا الزُّبدِ بالسَّمن، قال: لأنَّ المُزابَنةَ تدخُلُه.

ومن المُزابَنةِ عندَه بيعُ اللحم بالحيَوان من صنفِه (٣)، ولو قال رجلٌ لآخَر: أنا أضمَنُ لكَ من جَزُورِكَ هذه أو من شاتِكَ هذه كذا وكذا رِطْلًا؛ ما زادَ فلي، وما نَاقصَ فعليَّ. كان ذلك مُزابَنة، فلمّا لم يُجزْ ذلك، لم يُجزْ أن يَشتروا الجَزُورَ ولا الشاةَ بلَحْم؛ لأنهم يَصيرُون عندَه إلى ذلك المعنى. وسنذكُرُ ما للعلماءِ في بيع اللّحم بالحيوانِ في باب زيدِ بنِ أسلمَ (٤) إن شاء الله.

وقال إسماعيلُ بنُ إسحاق: لو أنَّ رجلًا قال لصاحب البان: اعصِرْ حَبَّكَ هذا، فما نقَصَ من مئةِ رِطلٍ فعليَّ، وما زاد فلي. فقال له: إنَّ هذا لا يَصلُحُ. فقال: أنا أشتري منك هذا الحَبَّ بكذا وكذا رِطلًا من البان؛ لدخَلَ في المُزابَنة؛ لأنّه قد صار إلى معناها إذا كان البانُ الذي اشتَرى به حَبَّ البانِ قد قامَ مقامًا لم يكنْ يجوزُ له من الضَّمانِ الذي ضَمِنَه في عَصرِ البان.

قال إسماعيلُ: ولو أنَّ صاحبَ البانِ اشتَرى معلومًا بمعلوم من البان مُتفاضِلًا، لجازَ عندَ مالك؛ لأنه اشتَرى شيئًا عرَفه بشيءٍ قد عرفَه، فخرَج من بابِ القِمار.


(١) يعني مالكًا في موطّئه (١٩٤٥)، وكما في المدوّنة ٣/ ١٥٠.
(٢) الجلجلان: هو السمسم بقشره.
(٣) المدوّنة ٣/ ١٤٧.
(٤) في شرح الحديث الخامس والعشرين المرسل له عن سعيد بن المسيب، وهو في الموطأ ٢/ ١٨٣ (١٩١٢)، وسيأتي في موضعه إن شاء لله تعالى.

<<  <  ج: ص:  >  >>