للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال أبو الفَرَج (١): وكذلك السِّمْسِمُ بدُهنِه إذا كانا معلومَين، فإن كان معلومًا بمجهول لم يجُزْ.

وقد اختلَف قولُ مالك في غَزْلِ الكَتّانِ بثوبِ الكَتّان، وغزلِ الصُّوفِ بثوبِ الصُّوف، وتحصيلُ مذهَبِه أنَّ ذلك يجوزُ نقدًا إذا كان ذلك معلُومًا بمعلُوم (٢).

وقال أبو الفَرَج: إذا أُريد بابتياع شيءٍ من المجهول الانتفاعُ به لوَقتِه، وكان ذلك ممّا جَرَت به العادة، جازَ بيعُه، كلَبَنِ الحَليبِ بالمخِيض إذا أُريد بالحليبِ وقتُه، وكالقَصِيل (٣) بالشَّعيرِ إذا أُريد قطْعُ القَصِيل لوقتِه، وكالتَّمرِ بالبَلَح إذا جُدَّ البَلَحُ لوَقتِه، لا بأسَ بذلك كلِّه.

قال: وكذلك لا بأسَ ببيع ما خرَجَ عن أنْ يكونَ مَضمُونًا من المَجْهول، كدُهْنِ البانِ المُطَيَّبِ بحَبِّه، وكالشَّعير بالقَصِيل الذي لا يكونُ منه شعير.

واختلَفَ قولُ مالك في النَّوَى بالتَّمْر، فيما ذكَر ابنُ القاسم (٤)؛ فمَرَّة كَرِهَه وجعَلَه مُزابَنة، وقال في موضع آخر: لا بأسَ بذلك. قال ابنُ القاسم: لانه ليس بطعام. قال أبو الفَرَج: ظَنَّ ابنُ القاسم أنه ليسَ من باب المُزابَنةِ فاعْتلَّ أنه ليس بطَعام، والمنعُ منه أشبَهُ بقولِه.


(١) هو عمرو بن محمد بن عبد الله الليثي القاضي المالكي، صاحب كتاب الحاوي في مذهب مالك، واللمع في أصول الفقه، المتوفّى سنة ثلاثين، وقيل: إحدى وثلاثين وثلاث مئة. (الديباج المذهب لابن فرحون ٢/ ١٢٧).
(٢) كذا نقل عنه ابن القاسم في المدوّنة ٣/ ١٤٩، ١٥٠، وينظر: البيان والتحصيل ٧/ ٣٠٣.
(٣) القَصِيل: ما اقتُصِل - أي ما جُزَّ - من الزَّرع أخضَر، والمراد هنا: الشعير يُجَزُّ أخضَرَ لعَلَف الدوابّ، سمّي قصيلًا لأنه يُقصَل وهو رطْبٌ. ينظر: لسان العرب، والمصباح المنير (قصل)، واللفظة مستعملة إلى اليوم بين المزارعين في العراق.
(٤) في المدوّنة ٣/ ١٤٦، وأعقب ذلك ابنُ القاسم بقوله: "ولا أرى به بأسًا يدًا بيدٍ، ولا إلى أجَلٍ، لأنّ النَّوى ليس بطعامٍ". وينظر: التهذيب في اختصار المدوّنة ٣/ ٧٨، ٧٩، المسألة (٢٤٧٢)، والبيان والتحصيل ٧/ ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>