للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويشهدُ لقول مالك، واللهُ أعلم، أصلُ معنى المُزابَنة في اللُّغة؛ لأنه لفظٌ مأخوذٌ من الزَّبْن، وهو المُقامَرَةُ والدَّفعُ والمُغالبةُ، وهي معنى القِمارِ والزِّيادةِ والنُّقصانِ أيضًا، حتى لقد قالَ بعضُ أهل اللُّغة: إنَّ القَمرَ مُشْتَقٌّ من القِمارِ؛ لزِيادَتِه ونُقصَانِه. فالمُزابَنةُ والقِمارُ والمُخاطَرَةُ شيءٌ مُتداخلٌ حتى يُشبِهَ أن يكونَ أصلُ اشتِقاقِها واحدًا، والله أعلم؛ تقولُ العرب: حَرْبٌ زَبونٌ؛ أي: ذاتُ دَفْع وقِمارٍ ومُغالبَة.

وقال أبو الغُولِ الطُّهَويُّ:

فوارِسَ لا يَمَلُّونَ المَنايَا ... إذا دارَتْ رَحى الحَرْبِ الزَّبُونِ (١)

وقال لقيطُ بنُ يَعمَرَ الإياديُّ (٢):

عَبْلَ الذِّراعِ أبِيًّا ذا مُزابَنَةٍ ... في الحَرْبِ يَخْتَتِلُ الرَّئبالَ والسَّبُعا

وقال معاويةُ (٣):

ومُسْتَعْجِبٍ ممّا رأى من أناتِنَا ... ولو زَبَنَتْه الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ


(١) البيت في الحماسة لأبي تمام ١/ ٦١، وشرحها للتبريزي ص ٨، وللمرزوقي ص ٣٣، وفي أمالي القالي ١/ ٢٦٠، وشرحها سمط اللآلي لأبي عبيد البكري ١/ ٥٨٠.
(٢) البيت في ديوانه ص ٧، وإليه عزاه أبو الفرج الأصفهاني في الأغاني ٢٢/ ٣٥٩، وفيه عندهما عجز البيت بلفظ:
............................. ... في الحرب لا عاجزًا نِكْسًا ولا وَرَعا
وقوله هنا: "نِكْسًا" أي ضعيفًا مكسورًا، و"وَرَعًا". جبانًا، وقوله في صدر البيت: "عَبْل الذراع" أي: ضخمه. ينظر: المصباح المنير (عبل)، وتاج العروس (نكس).
(٣) كذا عزاه لمعاوية! والبيت لأوس بن حجر، وهو في ديوانه ص ١٢١، وإليه عزاه قيس بن ثابت السرقسطي في الدلائل في غريب الحديث ٣/ ١١٤٥، وابن فارس في مقاييس اللغة ٢/ ٣٧٩ - ٣٨٠، وابن سيده في المحكم ١/ ٣٣٨، والزنحشري في أساس البلاغة ١/ ٤٠٨ وغيرهم.
وقوله: "لم يترمرم" لم يحرِّك فاه للكلام. ينظر الصحاح (رمم).

<<  <  ج: ص:  >  >>