للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَف الفقهاءُ أيضًا في النَّفقةِ على الضَّوالِّ واللَّقيط؛ فقال مالكٌ فيما ذكَر ابنُ القاسم عنه (١): إن أنفَق المُلْتَقِطُ على الدَّوابِّ، والإبل، وغيرِها، فله أن يَرجِعَ على صواحبِها بالنَّفقَةِ، وسواءٌ أنفَق عليها بأمرِ السلطانِ أو بغيرِ أمرِه.

قال (٢): وله أن يَحبِسَ بالنفقةِ ما أنفَق عليه، ويكونُ أحقَّ به، كالرهن.

قال: ويَرجِعُ على (٣) صاحبِ اللُّقَطَةِ بكِراءِ حَملِها.

وقال مالكٌ في اللَّقِيطِ إذا أنفَق عليه المُلتَقِطُ، ثم أقام رجلٌ البَيِّنَةَ أنَّه ابنُه: فإنَّ المُلْتَقِطَ يَرجِعُ على الأبِ إن كان طَرَحَه مُتعمِّدًا، وكان موسِرًا، وإن لَمْ يكنْ طَرَحَه ولكن ضَلَّ منه، فلا شيءَ على الأب، والمُلْتَقِطُ مُتطوِّعٌ بالنَّفَقَة (٤).

وقال الشافعيُّ فيما روَاه عنه الربيعُ في "البُويطِيِّ": إذا أنفَقَ على الضَّوَالِّ مَن أخَذها، فهو مُتطوِّعٌ، فإن أراد أن يَرجعَ على صاحبِها، فليَذْهَبْ إلى الحاكم حتى يَفرِضَ له النَّفقَةَ، ويُوكِّلَ غيرَه بأن يَقبِضَ تلك النَّفقَةَ منه، ويُنْفِقَ عليها، ولا يكونُ للسلطان أن يأذنَ له أن يُنفِقَ عليها إلَّا اليومَ واليومَين، فإن جاوز ذلك، أُمِر ببيعها (٥).

وقال المزنيُّ عنه (٦): إذا أمَره الحاكمُ بالنفقةِ كانت دَيْنًا، وما ادَّعَى قُبِل منه إذا كان مثلُه قَصْدًا. قال المُزَنيُّ: لا يُقبَلُ قولُه، وليس كالأمين.


(١) في المدوَّنة ٤/ ٤٥٨.
(٢) نقله عن ابن القاسم عن مالك بالسياق المذكور الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٤٩، وهو بمعناه في المدوَّنة ٤/ ٤٥٨.
(٣) في ط ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٤٩: "عليه"، ولا يصحّ، ومعنى ما جاء في النصّ ظاهر في المدوّنة، فإنّ صاحب اللقطة هو المرجوع عليه.
(٤) هذا معنى ما نقله ابن القاسم عن مالك في المدوّنة ٣/ ٤٠٩، والسياق المذكور عنهما ذكره الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٣٥٠.
(٥) وهذا المعنى الذي ذكره الربيع بن سليمان عنه نصَّ عليه في الأمّ ٤/ ٧١، وينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٤/ ٣٥٠.
(٦) مختصر المُزني ٨/ ٢٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>