للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد (١) صحَّ عن علي خلافُ هذا. وروى يزيدُ بنُ أبي حبيبٍ، عن معمرِ بنِ أبي حبيبةَ، عن معاذ بن أبي رفاعةَ قال: شهدتُ نفرًا من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يذكرون الموؤودةَ؛ فيهم عليٌّ وعمرُ وعثمانُ والزُّبيرُ وطلحةُ وسعدٌ فاختلفوا، فقال عمرُ: إنكم أصحابَ رسولِ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تختلفونَ في هذا! فكيف بمَن بعدَكُم؟ فقال عليٌّ: إنّها لا تكون موؤودةً حتّى يأتي عليها الحالات السبع. فقال له عمرُ: صدقتَ أطالَ الله بقاءك (٢).

قال ابنُ لهيعة: إنّها لا تكون موؤودةً حتّى تكون نطفةً، ثم علقةً، ثم مُضغةً، ثم عظمًا، ثم لحمًا، ثم تظهر، ثم تستهلُّ، فحينئذٍ إذا دُفنت فقد وُئدت؛ لأنَّ من الناس مَن قال: إنّ المرأةَ إذا أحسَّت بحمْلٍ، فتداوت حتى تُسقطَه فقد وأدَتْهُ، ومنهم مَن قال: العزْل الموؤودةُ الصُّغرى. فأخبر عليٌّ رضي الله عنه أن ذلك لا يكون موؤودةً إلَّا بعد ما وَصَف.

وقد قيل في قولِ الله عزَّ وجلَّ: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} [البقرة: ٢٢٣]. إنْ شِئْتَ فاعزِلْ، وإنْ شِئْتَ فلا تَعْزِلْ. قالَه جماعةٌ من العلماءِ، كان كان في هذه الآيةِ قولانِ غيرُ هذا.

واختلف الفقهاءُ في العَزْلِ عن الزوجةِ الأمَةِ؛ فقال مالكٌ، وأبو حنيفةَ، وأصحابُهما (٣): الإذنُ في العَزلِ عن الزوجةِ الأمةِ إلى مولاها. وعن الثّوريِّ روايتانِ؛ إحداهُما: لا يعزلُ عنها إلّا بأمرها، والأخرى: بأمرِ مولاها (٤). وقال الشافعيُّ:


(١) هذه الفقرة والفقرة التي تليها من ق.
(٢) أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار ٥/ ٧٢، من دون ذكر قول عمر رضي الله عنه.
(٣) نقله عنهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٢/ ٣٠٦، وينظر: المغني لابن قدامة ٧/ ٢٩٨.
(٤) قوله: "وعن الثوري روايتان ... " إلخ، من ق. ونقل هاتين الروايتين عن سفيان الثوريِّ الطحاويُّ في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٣٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>