للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا كلُّه على الاختيارِ؛ بدليلِ حديثِ أبي هريرةَ المذكورِ في هذا البابِ.

حَدَّثَنَا عبدُ الله بن محمدٍ، قال: حَدَّثَنَا عبدُ الحميدِ بن أحمدَ، قال: حَدَّثَنَا الخَضِرُ (١)، قال: حَدَّثَنَا الأثْرَمُ (٢)، قال: قيل لأحمدَ بن حنبلٍ: قولُه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن أدْرَك رَكْعةً من العصرِ قبلَ أن تَغْرُبَ الشمسُ". فقال: هذا على الفَواتِ، ليس على أن يَتْرُكَ العصرَ إلى هذا الوقتِ، وذكَر حديثَ قتادةَ، عن أبي أيوبَ (٣)، عن عبدِ الله بن عَمْرٍو، قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "ووقتُ العصرِ ما لم تَصْفَرَّ الشَّمْسُ" (٤).

فالأوقاتُ في ترتيما السُّنَنِ، واللّهُ أعلمُ، وَقْتانِ في الحَضَرِ: وقتُ رفاهيةٍ وسعَةٍ، ووقتُ عُذْرٍ وضرورةٍ. يُبَيِّنُ لك ذلك ما ذكَرْنا من الآثارِ، ويزيدُ لك في ذلك بيانًا أقاويلُ فقهاءِ أئمةِ الأمصارِ، فنذكرُ هنا أقاويلَهم في وقتِ الصبح والعصرِ؛ إذْ لَمْ يتَضَمَّنْ حديثُ هذا البابِ ذِكْرَ غيرِهما من الصلواتِ، ونذكُرُ في بابِ ابن شهابٍ، عن عروةَ، جُمْلَةَ مواقيتِ الصلاةِ، ونَبْسُطُ ذلك ونُمَهِّدُه هنالك إنْ شاء اللهُ.

أجْمَعَ العلماءُ على أنَّ أولَ وقتِ صلاةِ الصبْحِ طلوعُ الفجرِ الثاني إذا تَبَيَّنَ طلوعُه، وهو البياضُ المُنْتَشِرُ من أُفُقِ المَشْرقِ، والذي لا ظُلْمَةَ بعدَه.

وقد ذكَرْنا أسماءَ الفجرِ في اللُّغَةِ، وشواهدَ الشِّعْرِ على ذلك، والمَعْنَى فيه عندَ الفقهاءِ، في أولِ حديثٍ من مراسيلِ عطاءٍ، ومن بابِ يزيدَ أيضًا، والحمدُ للّه.


(١) هو الخضر بن داود، أبو بكر المكّي.
(٢) هو أحمد بن محمد بن هانيء، أبو بكر الأثرم، روى عن أحمد بن حنبل مسائل.
(٣) واسمُه يحيى بن مالك الأزدي، ويقال: المراغي - والمراغ: حيٌّ من الأزد.
(٤) أخرجه مسلم (٦١٢) من طريق شعبة عن قتادة، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>