للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد بقِيَ عليه من النهارِ مقدارُ رَكْعةٍ بعدَ أن جاوز بيوتَ مِصْرِه أو قَرْيَتِه، صلَّى العَصْرَ رَكْعتينِ، ولو خرَج وقد بقِيَ عليه مقدارُ ثلاثِ رَكَعاتٍ، ولم يكنْ صلَّى الظهرَ والعصرَ، صلَّاهما جميعًا مقصورتينِ. وهذا عندَه حُكْمُ المغربِ والعشاءِ، يُراعِي منهما مقدارَ رَكْعةٍ من كلِّ واحدةٍ منهما، على أصْلِه فيمن سافر وقد بقِيَ عليه مقدارُ ركعةٍ، أنه يَقْصُرُ تلك الصلاةَ، ولو قدِم في ذلك الوَقْتِ مِن سفرِه أتَمَّ.

وقال أبو حنيفةَ وأصْحابُه، والثوريُّ، والأوزاعيُّ: إذا خرَج من مِصْرِه قبلَ خروجِ الوقتِ صلَّى رَكْعتينِ، وإن قدِم قبلَ خروجِ الوقتِ آدمَّ. وهذا قولُ مالكٍ (١).

وقال زُفَرُ: إن جاوز بيوتَ القرلة والمِصْرِ، ولم يَبْقَ من الوقت إلا رَكْعةٌ، فإنه مُفَرِّطٌ، وعليه أن يُصَلِّيَ العصرَ أربعًا، وإن قَدِم من سفرِه ودخَل مِصْرَه، ولم يَبْقَ من الوقتِ إلا رَكْعةٌ، أتَمَّ الصلاةَ.

وقال الحسنُ بن حَيٍّ، والليثُ، والشافعيُّ (٢): إذا خرَج بعدَ دخولِ الوقتِ أتَمَّ، وكذلك إن قدِم المسافرُ قبلَ خَروجِ الوقتِ أتَمَّ. وستأتي زيادةٌ في هذا المعنى عن الشافعيِّ والليثِ ومن تابَعهما في آخِرِ هذا البابِ.

وأما اختلافُ الفقهاءِ في صلاةِ الحائضِ والمُغْمَى عليه ومَن جَرَى مَجْرَاهما؛ فقال مالكٌ: إذا طَهُرَت المرأةُ قبلَ الغروبِ، فإن كان بَقِيَ عليها من النهارِ ما تُصَلِّي خَمْسَ رَكَعاتٍ، صَلَّت الظهرَ والعصرَ، وإن لم يكنْ بَقِيَ من النهارِ ما تُصَلِّي خمسَ رَكَعاتٍ، صَلَّت العصرَ، وإذا طَهُرَتْ قبلَ الفجرِ، وكان ما بَقِيَ


(١) وهذا نقله عن أبي حنيفة محمد بن الحسن الشيباني في "الحجة على أهل المدينة" ١/ ١٨١، وأضاف: لأنه إنما يقضي مثلَ الذي كان عليه، وكذلك قال أهلُ المدينة. وقول مالك نقله عن ابن القاسم في المدوّنة ١/ ٢٠٦. ويُنظر المبسوط للسرخسي ١/ ٢٣٨.
(٢) انظر الأم للشافعي ١/ ٩٦ و ١/ ٢٠٩ - ٢١٠ (ط دار المعرفة).

<<  <  ج: ص:  >  >>