للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه، والثوريُّ: هما فَرْضٌ في الجنابةِ، سُنّةٌ في الوُضوء، فإنْ ترَكَهما في غُسْلِه من الجنابةِ وصَلَّى، أعاد، كمَن تَرَكَ لُمْعَةً، ومَن ترَكهما في وُضُوئِه وصَلَّى (١)، فلا إعادةَ عليه (٢).

وقال ابنُ أبي ليلَى، وحمّادُ بن أبي سُليمانَ، وهو قولُ إسحاقَ بن راهُوية (٣): هما فَرْضٌ في الغُسْلِ والوُضوءِ جميعًا. وروِي عن الزهريِّ وعطاءٍ مثلُ هذا القول أيضًا، ورُوِيَ عنهما مثلُ قول مالكٍ والشافعيِّ (٤). وكذلك اختلَف أصحابُ داودَ؛ فمنهم مَن قال: هما فرضٌ (٥) في الغُسْل والوُضوء جميعًا. ومنهم مَن قال: إنّ المضمضةَ سُنّةٌ، والاستِنْشاقَ فرضٌ. وكذلك اختُلِفَ عن أحمدَ بن حنبلٍ على هذين القولَين المذكورَين عن داودَ وأصحابِه. ولم يَختلِفْ قولُ أبي ثور وأبي عبيدٍ أنّ المضمضةَ سُنَّةٌ، والاسْتِنْشاقَ واجبٌ، قالا: فمَن ترَك الاسْتِنْشاقَ وصلَّى أعادَ، ومَن ترَك المضمضةَ لم يُعِدْ (٦).


(١) قوله: "وصَلّى" من ق.
(٢) قول أبي حنيفة وسفيان الثوري نقله عنهما محمد بن الحسن الشيباني في الأصل المعروف بالمبسوط ١/ ٤١ - ٤٢، وفيه زيادة أدلة ما ذهبا إليه من التفرقة بين الصلاة وغسل الجنابة والطُّهر من الحيض. وقد ذكر الترمذي في جامعه تحت الحديث (٢٧) جملة هذه الأقوال المنقولة عن أهل العلم، وينظر: مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهوية رواية إسحاق بن منصور الكوسج ٢/ ٢٧٥ (١١).
(٣) وهو قول عطاء بن أبي رباح أيضًا، نقله عنهم جميعًا المروزي في اختلاف العلماء ١/ ٤٩٨، وابن المنذر في الأوسط ٢/ ٢١، إلا أنه ذكر رجوع عطاء إلى القول بعدم الإعادة في الجنابة والوضوء.
(٤) والروايتان عن عطاء في ذلك أخرجهما عنه ابن أبي شيبة في المصنف ١/ ١٩٦، الأولى (٢٠٧٩) من طريق قيس بن سعد عنه قال: يمضمض ويستنشق ويعيد الصلاة، والثانية (٢٠٧٢) من طريق مثنى - وهو ابن الصباح - عنه قال: ليس عليه إعادة.
(٥) من هنا إلى قوله: "فرض" سقط من ك ٢، كأنه قفز نظر.
(٦) ينظر: مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود، ص ١٢ - ١٣، ورواية ابنه أبي الفضل، ص ١١٦، واختلاف العلماء للمروزي، ص ٩٧ - ٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>