للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كانت الطَّهارةُ والصلاةُ وأعمالُ البرِّ مُكَفِّرةً للكبائر، والمُتطَهِّرُ المُصَلِّي غير ذاكرٍ لذنبِه الموبِق، ولا قاصدٍ إليه، ولا حضَره في حينِه ذلك الندمُ عليه، ولا خطَرت خَطيئتُه المُحيطةُ به ببالِه - لما كان لأمرِ الله عزَّ وجلَّ بالتوبةِ معنًى، ولكان كلُّ مَن توضَّأ وصلَّى يُشهَدُ له بالجنة بإثرِ سَلامِه من الصلاة، وإن ارتكَب قبلَها ما شاء من الموبقاتِ الكبائر. وهذا لا يقولُه أحدٌ ممّن له فَهْمٌ صحيحٌ. وقد أجمَع المسلمون أنّ التوبةَ على المُذْنب فرضٌ، والفُروضُ لا يَصِحُّ أداءُ شيءٍ منها إلّا بقَصْدٍ ونيّةٍ واعتقادِ أن لا عَوْدةَ، فَأمّا أنْ يُصلِّيَ وهو غيرُ ذاكِر لما ارْتَكَبَ من الكبائر، ولا نادم على ذلك، فمُحالٌ، وقد قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "النَّدَمُ تَوْبَةٌ" (١). وقال - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّلَواتُ الخمسُ، والجُمُعة إلى الجُمُعة، كفَّارةٌ لما بينهنَّ ما اجْتُنِبَتِ الكبائرُ".

حدَّثنا يونُسُ بن عبد الله بن محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن معاويةَ (٢)، قال: حدَّثنا جعفرُ بن محمدٍ الفِرْيابيُّ، قال: حدَّثنا أبو كُرَيْبٍ محمدُ بن العلاءِ، قال: حدَّثنا خالدُ بن مَخْلَدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بن جعفرِ بن أبي كثيرٍ، قال: حدَّثنا العلاءُ بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرةَ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصَّلواتُ الخَمْسُ، والجمُعةُ إلى الجمُعة، كَفّارةٌ لما بينَهُنَّ من الخطايا ما لم تُغشَ الكبائرُ" (٣).


(١) حديث صحيح، أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده ١/ ٢٩٨ (٣٨٠)، وأحمد في المسند ٦/ ٣٧ (٣٥٦٨)، وابن ماجة (٤٢٥٢) من طريق عبد الكريم الجَزَريّ عن زياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن معقل بن مقرِّن عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعًا. وفي هذا الحديث خلاف يسير عن عبد الكريم الجزري لا يضر إن شاء الله، حاصله أن جماعة رووا الحديث عن زياد بن أبي مريم، ورواه آخرون عنه عن زياد بن الجراح - وهو ثقة أيضًا - كما بينه الدارقطني في علله ٥/ ١٩٣، والمزي في تهذيب الكمال ٩/ ٥١١ - ٥١٤.
(٢) في ك ٢: "يونس بن عبد الله بن محمد بن معاوية" وهو تحريف بيّن سببه قفز النظر.
(٣) في إسناده خالد بن مخلد القطواني ضعيف يعتبر به عند المتابعة، وقد توبع، فعُلم أن هذا من صحيح حديثه.
أخرجه أحمد في المسند ١٦/ ١٩٦ (١٠٢٨٥)، ومسلم (٢٣٣) (١٤) من طريق العلاء بن عبد الرحمن، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>