للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُحَدِّثُكم عن يوم الجمعةِ؟ لا يَتَطَهَّرُ رَجُلٌ ثم يأتي الجمعةَ فيَجْلِسُ ويُنْصِتُ حتى يَقْضِيَ الإمامُ صلاتَه، إلّا كانت له كفّارةَ ما بينَ الجمعةِ إلى الجمعةِ ما اجْتُنِبتِ الكبائرُ".

قال أبو بكر (١): وحدَّثنا إسحاقُ بن منصور، عن أبي كُدَيْنَةَ، عن مُغيرةَ، عن إبراهيمَ، عن عَلقمةَ، عن القَرْثَع (٢)، عن سَلْمانَ، عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُحَدِّثُكَ عن يوم الجمعة، مَن تَطَهَّرَ وأتَى الجمعةَ، ثم أنْصَتَ حتى يَقْضِيَ الإمامُ صلاتَه، كانت كفّارةً لما بينَها وبينَ الجمعةِ التي تَليها ما اجْتُنِبَت المَقْتَلَةُ".

قال (٣): وحدَّثنا عفانُ، قال: حدَّثنا أبو عَوانةَ، عن مُغيرَةَ، عن أبي مَعْشَرٍ زيادِ بن كُلَيْبٍ، عن إبراهيمَ، عن عَلْقَمةَ، عن القَرْثَع، عن سَلْمانَ، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، مثلَ حديثِ إسحاقَ بن منصورٍ، عن أبي كُدَيْنَة.

وهذا يُبَيِّنُ لك ما ذكَرْنا، ويُوضِّحُ لك أنّ الصغائرَ تُكفَّرُ بالصلواتِ الخمس لمَن اجْتَنَبَ الكبائرَ، فيكونُ على هذا معنى قول الله عز وجل: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} [النساء: ٣١]: الصَّغائرَ بالصلاةِ والصوم والحجِّ وأداءِ الفرائضِ وأعمالِ البِرِّ، وإن لم تَجتَنِبوا الكبائرَ ولم تتوبوا منها لم تَنْتَفِعُوا بتكْفيرِ الصغائرِ إذا واقَعْتُم المُوبقاتِ المُهلكاتِ، والله أعلمُ.

وهذا كلُّه قبلَ الموت، فإن مات صاحبُ الكبير فمَصيرُه إلى الله؛ إن شاء غفَر له، وإن شاء عذَّبه، فإن عذَّبه فبجُرمِه، وإن عَفا عنه فهو أهلُ العفوِ وأهلُ المغفرة. وإن تابَ قبلَ الموتِ وقبلَ حضورِه ومُعايَنتِه، وندِم، واعتقَد ألّا يَعودَ، واستغفَر ووَجِل، كان كمن لم يُذنِبْ. وبهذا كلِّه الآثارُ الصِّحاحُ عن السَّلَفِ قد


(١) في المسند ١/ ٣٠٨ (٤٦٣).
(٢) قَرْثَع الضَّبيّ الكوفي كما في تهذيب الكمال ٢٣/ ٥٦٢.
(٣) ابن أبي شيبة في المسند له (٤٦٦). وأخرجه أحمد في المسند ٣٩/ ١٣٣ (٢٣٧٢٩) عن عفان، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>