للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءت، وعليه جماعةُ علماءِ المسلمين، ولو تَدبَّر هذا القائلُ الحديثَ الذي فيه ذكرُ خروجِ الخطايا من فَمِه وأنفِه ويدَيه ورِجْليه ورأسِه (١)، لعلِم أنّها الصغائرُ في الأغلب، ولعلِم أنّها مَعْفُوٌّ عنها بتَرْكِ الكبائرِ؛ دليلُ ذلك قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "العينان تَزْنيان، واليَدان تَزْنيان، والفمُ يَزْني، ويُصَدِّقُ ذلك كُلُّه الفَرْجُ أو يُكَذِّبُه". يريدُ، واللهُ أعلمُ، أنّ الفَرْجَ بعملِه يُوجِبُ المَهلكَةَ، وما لم يكنْ ذلك فأعمالُ البِرِّ يَغْسلْنَ ذلك كلَّه.

وقد كنتُ أرغَبُ بنفسِي عن الكلام في هذا الباب لولا قولُ ذلك القائل، وخَشِيتُ أن يَغتَرَّ به جاهلٌ فيَنْهَمِكَ في المُوبقاتِ اتِّكالًا على أنّها تُكَفِّرُها الصلواتُ الخمسُ دونَ الندم عليها والاستغفارِ والتوبةِ منها، واللهُ أعلم، ونسألُه العِصمةَ والتوفيق.

حدَّثني سعيدُ بن نَصرٍ وعبدُ الوارث بن سفيانَ، قالا: حدَّثنا قاسمُ بن أصبَغَ، قال: حدَّثنا إسماعيلُ بن إسحاقَ القاضي، قال: حدَّثنا الحجَّاجُ بن المِنْهال، قال: حدَّثنا حمادُ بن سَلَمَة، عن ثابتٍ، وعليِّ بن زيدٍ، وحُميدٍ، وصالح المُعلِّم، ويونسَ، عن الحَسَن، عن أبي هريرةَ، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "الصلواتُ الخمسُ والجمُعةُ إلى الجمُعة، كفّارةٌ لما بَينهُنَّ ما اجْتُنبَتِ الكبائرُ" (٢).

وأما حديثُ عَمْرو بن عَبَسَةَ في هذا الباب - ومنه قام حديثُ الصّنابحيِّ واللهُ أعلمُ.


(١) وهو حديث الصنابحي، وقد سلف تخريجه عند مالك في الموطأ ١/ ٦٧ (٦٦) وغيره.
(٢) صحيح، وهذا إسناد ضعيف، أخرجه أبو داود الطيالسي في المسند ٤/ ٢١٦ (٢٥٩٢) عن حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد وحده، به. وأخرجه أحمد في المسند ١٥/ ٢٠٨ (٩٣٥٦) من طريق حمّاد بن سلمة عن عليّ بن زيد وصالح المعلِّم وحُميد ويونس، عن الحسن، به. وهو ضعيف، الحسن البصري لا يصحُّ له سماع من أبي هريرة رضي الله عنه كما نصَّ على ذلك ابن أبي حاتم وأحمد وغيرهما كما في الجرح والتعديل ٣/ ٤١ (١٧٧)، وتهذيب الكمال ٦/ ١٢٢، ولكن روي من وجوه أخرى وطرق عديدة صحيحة سلف تخريج بعضٍ منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>