للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ردَّها بعدَ الولادة، وقيمةَ ولدِها إن وُلدوا أحياءً يومَ سقَطوا، وما نقَصَتْها الولادةُ، وإن ماتَتْ لزِمه مثلُها، فإن لم يُوجَدْ مثلُها فقيمتُها.

وحجَّةُ مَن لم يُجِزِ اسْتِقْراضَ الإماءِ - وهم جمهورُ العلماء - أن الفُروجَ محظورةٌ لا تُسْتَباحُ إلّا بنكاحٍ أو مِلْكِ يمينٍ، ولأن القرضَ ليس بعقدٍ لازم من جهةِ المُقْتَرِضِ؛ لأنّه يَرُدُّه متى شاء، فأشْبَهَ الجاريةَ المشْتراةَ بالخِيار، ولا يجوزُ وطؤُها بإجماعٍ حتّى تَنْقَضيَ أيامُ الخِيار، فهذه قياسٌ عليها، ولو جازَ استِقْراضُ الإماءِ لحصلَ الوطءُ في غيرِ نكاحٍ ولا مِلْكٍ صحيح.

وقال أبو إبراهيمَ المزنيُّ، وداودُ بن عليٍّ، وأبو جعفرٍ الطبريُّ (١): اسْتِقْراضُ الإماءِ جائزٌ. قال المزنيُّ والطبريُّ: قياسًا على بيعِها، وأنّ مِلْكَ المسْتَقْرِض صحيحٌ يجوزُ له فيه التَّصَرُّفُ كلُّه، وكلُّ ما جاز بَيْعُه جاز قرضُه في نفس القِياس. وقال داودُ: لم يَحْظُرِ اللهُ اسْتِقراضَ الإماءِ، ولا رسولُه، ولا اتَّفَق الجميعُ على المنع منه، وقد أباح الاسْتِسْلافَ للحيوان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، والأصلُ الإباحةُ حتى يَصِحَّ المنعُ من وجهٍ لا مُعارِضَ له (٢).

واحتجَّ بهذا الحديث أيضًا كلُّ مَن أوجَب على منِ اسْتَهْلَك شيئًا من الحيوانِ مثلَه إن وُجِد له مِثلٌ لا قِيمتُه، قالوا: وكما كان يكونُ له مثلٌ في القضاءِ، فكذلك يكونُ له مِثْلٌ في الضَّمانِ عن الاستهلاك. وممَّن قال بالمثْلِ في المُسْتَهلكاتِ كلِّها الشافعيُّ، وأحمدُ، وداودُ، وجماعةٌ؛ لقولِ الله تعالى: {فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل: ١٢٦].

وأمّا مالكٌ رحمه الله، فقال (٣): منِ اسْتَهْلَك شيئًا من الحيوانِ بغيرِ إذنِ صاحبِه،


(١) ينظر: مختصر المزني ٨/ ١٨٩، واختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري ص ١٣٩.
(٢) وإلى هذا ذهب ابن حزم في المحلّى ١/ ١٣٣، ١٣٤.
(٣) في الموطأ ٢/ ٢٧٨ (٢١٤٨)، وينظر المنتقى شرح الموطأ للباجي ٥/ ٢٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>