للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَحِلُّ الزكاةُ لغنيٍّ إلّا لخمسةٍ، على ما ذكَرْنا في باب رَبيعةَ. وأمّا غيرُ الزَّكاة من التَّطوُّع كلِّه، فإنه جائزٌ للغنيِّ والفقير.

وقد جعَل بعضُ أهل العلم الأربعينَ درهمًا حدًّا بينَ الغنَى والفَقْرِ، فقال: إنّ الصَّدقةَ - يعني الزكاةَ -: لا يَحِلُّ أخذُها لمن ملَك أربعين درهمًا؛ لأنّه غَنِيٌّ إذا ملَك ذلك. وأظُنُّه ذهَب إلى هذا الحديث واللهُ أعلم. ولسائر العلماء في هذا الباب مذاهبُ مختلفةٌ (١)، ونحن نذكُرُها هاهنا، وبالله توفيقنا.

فأمّا مالكٌ رحمه الله، فروَى عنه ابنُ القاسم (٢) أنّه سئل: هل يُعْطَى من الزَّكاة مَن له أربعون درهمًا؟ فقال: نعم. وهو المشهورُ من مذهبِ مالكٍ.

وروى الواقديُّ، عن مالكٍ، أنّه قال: لا يُعْطَى من الزَّكاةِ مَن له أربعون درهمًا (٣).

قال أبو عُمر: هذا يَحتمِلُ أن يكونَ قَوِيًّا مُكْتَسِبًا حَسَنَ (٤) التَّصرُّف في هذه المسألة، وفي الأولَى ضَعيفًا عن الاكتساب، أو مَن له عِيالٌ (٥)، واللهُ أعلم.


(١) في ق: "وهذا باب اختلف العلماء فيه".
(٢) في المدوّنة ١/ ٣٤٢، قال مالك جوابًا لسؤال ابن القاسم المذكور: رُبَّ رجلٍ يكون له أربعون درهمًا وهو أهلٌ لأنْ يُعطى من الزكاة، يكون له عيالٌ وعَدد، ورُبَّ رجلٍ تكون عياله عشرةً أو شبه ذلك، فلا تكون له الأربعون درهما شيئا، فأرى أن يُعطى مثلَ هذا.
(٣) ذكره القرطبي في الجامع لأحكام القرآن ٨/ ١٧٢، وحكاه المروزي عنه في اختلاف الفقهاء ١/ ٤٤٨ دون ذكر الواقدي، ثم قال: وقد رُوي عن مالك خلاف هذا: أنه كان لا يُوقِّت، وكذا ذكر الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٤٧٨ بعد أن ذكر رواية ابن القاسم عنه قال: وروي غيره عن مالك: أنه لا يُعطى من له أربعون درهما.
(٤) من هنا إلى قوله: "الاكتساب" من ق.
(٥) وهذا التفصيل نفسه هو الذي نقله ابن القاسم عن مالك في المدونة كما هو موضح قبل التعليق السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>