للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أُمِّه، عن عائشةَ، أنّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أمَر أنْ يُسْتَمْتَعَ بجلودِ الميْتةِ إذا دُبِغَتْ. وفَهِمَتْ عائشةُ المُرادَ من ذلك، فكانت تَكْرَهُ الفِراءَ من الجُلودِ التي ليست مُذكّاةً.

حدَّثنا عبدُ الوارث بن سُفيانَ، قال: حدَّثنا قاسمُ بن أصبغَ، قال: حدَّثنا أبو يحيى بن أبي مَسرَّةَ، قال: حدَّثنا مطرِّفٌ، قال: حدَّثنا مالكٌ، عن نافع، عن القاسم بن محمدٍ، أنّه قال لعائشةَ: ألَا نَجْعَلُ لكِ فَرْوًا تَلْبَسِينَه؟ قالت: إنِّي لأكْرَهُ جلودَ الميْتةِ. قال: إنّا لا نَجْعَلُه إلّا ذَكِيًّا. فجعَلْناه، فكانت تَلْبَسُه (١).

وروَى مجاهدٌ ونافعٌ، عن ابن عمرَ، أنّه كان لا يَلْبَسُ إلّا ذَكِيًّا (٢). وقد تقدَّم عن عُمرَ وغيرِه من الصحابة مثلُ ذلك. وفي نَعْلَي مُوسى عليه السلامُ ما يُحْتَجُّ به هاهنا (٣). فهذا ما في طهار جلودِ الميْتةِ عندَ العلماءِ قديمًا وحديثًا. والحمدُ للّه.

وأما قولُه - صلى الله عليه وسلم -:"أيُّما إهابٍ" فإنّما يقتَضي عُمومَ جميع الأُهُبِ، وهي الجُلودُ كلها؛ لأنّ اللفظَ جاءَ في ذلك مَجيءَ عُموم لم يَخُصَّ شيئًا منها، وهذا أيضًا


(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى ٨/ ٧٢ من طريق مطرِّف بن عبد الله، بنحوه. وأخرجه عبد الرزاق في المصنف ١/ ٦٥ (١٩٩)، ومن طريقه ابن المنذر في الأوسط ٢/ ٣٩٣ (٨٤٥) كلاهما عن ابن جريج، عن نافع، بنحوه. وفي الإسناد عندهم: عن القاسم بن محمد بن أبي بكر أن محمد بن الأشعث كلَّم عائشة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٢٥٢٦٠)، وابن المنذر في الأوسط ٢/ ٣٩٤ (٨٥١) من طريق مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣) وذلك فيما روي عن كعب الأحبار قوله: كانتا من جلد حمار ميِّت، أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٥٠٣ (٢٦٦١)، ويُروى مرفوعًا بإسناد ضعيف جدًّا، أخرجه سعيد بن منصور في التفسير ٥/ ١٥٣ (٩٦٠)، والترمذي في جامعه (١٧٣٤)، وأبو يعلى (٤٩٨٣)، وابن عدي في الكامل ٢/ ٦٨٨، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٨ و ٢/ ٣٧٩، والمزي في تهذيب الكمال ٧/ ٤١٢ من طريق حميد الأعرج عن عبد الله بن الحارث عن ابن مسعود عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -. قال الترمذي: "غريب لا نعرفه إلّا من حديث حميد الأعرج. وحميدٌ: هو ابن عليّ الكوفي منكر الحديث، وحميدُ بن قيس الأعرج المكيّ صاحب مجاهد ثقة".

<<  <  ج: ص:  >  >>