للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحجَّةُ من قال هذا القول أنّ الوترَ في صلاةِ النافلةِ غيرُ جائزٍ؛ لقول رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: "صلاةُ الليل مَثنَى مَثنَى" (١). ولإجماعِ العلماءِ أنّ النافلةَ غيرَ الوترِ لا تكونُ وترًا، وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -:"لا وِتْرانِ في ليلةٍ" (٢). وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا صلاةَ بعدَ الصبح حتّى تَطْلُعَ الشمسُ" (٣)، وصلّى بعدَ العصرِ رَكْعَتين (٤).

وجاء عن جماعةٍ من السلف أنّهم كانوا يتَطوَّعون بعدَ العصر ما كانت الشمسُ بيضاءَ نقيَّةً (٥)، ولم يَجِئْ ذلك عن واحدٍ منهم في الصلاةِ بعدَ الصّبح، والنَّهْيُ عندَ ابن عمرَ ومَن قال بقوله عن الصلاةِ بعدَ العصرِ معناه: إذا اصْفَرَّتِ الشمسُ وكانت على الغُروبِ، وأمّا إذا كانت بيضاءَ نقيّةً فلا بأسَ عندَهم بصلاةِ النافلة.

وللقولِ في هذا التأويل موضعٌ من كتابِنا غيرُ هذا، يأتي ذكرُه في باب محمدِ بن يحيى بن حبّانَ إن شاء الله، فلذلك لم يرَ ابنُ عمرَ بإعادةِ العصرِ بأسًا، وكَرِهَ إعادةَ الصُّبح.


(١) أخرجه البخاري (٩٩٠)، ومسلم (٧٤٩) من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٢٦/ (١٦٢٩٦)، وأبو داود (١٤٣٩)، والترمذي (٤٧٥)، والنسائي في المجتبى (١٦٧٩)، وفي الكبرى ٢/ ١٥٢ (١٣٩٢) من طريق ملازم بن عمرو السحيمي عن عبد الله بن بدر، عن قيس بن طلق عن طلق بن عليّ. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وقال الحافظ في الفتح ٢/ ٤٨١: وهو حديث حسن.
(٣) أخرجه البخاري (٥٨٦)، ومسلم (٨٢٧) من حديث عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري. وأخرجاه بلفظ: أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة بعد الصُّبح حتى تشرق الشمسُ، وبعد العصر حتى تغرب. البخاري (٥٨١)، ومسلم (٨٢٦) من حديث ابن عباس عن عمر رضي الله عنهما. وبنحوه البخاري (٥٨٨)، ومسلم (٨٢٥) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٤) أخرجه البخاري (٥٩١) و (٥٩٢) و (٥٩٣) من طرق عن عائشة رضي الله عنها.
(٥) وفي هذا المعنى أخرج ابن أبي شيبة في المصنف ٢/ ٣٤٨، وأحمد في المسند ٢/ ٤٦ (٦١٠)، والنسائي في المجتبى (٥٧٣)، وفي الكبرى ١/ ٢٢٤ (٣٧١) فيسناد صحيح من طريق جرير بن عبد الحميد عن منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف عن وهب بن الأجدع عن عليٍّ رضي الله عنه قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاة بعد العصر إلّا أن تكون الشمسُ بيضاءَ نقيّةً مرتفعةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>