للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو ثورٍ: لا شيءَ عليه إذا فعَل ذلك (١). وكان عطاءٌ، وطاووسٌ، ومجاهدٌ يُرَخِّصون للمُحرِم إذا كان قد لَبَّدَ رأسَه في غسلِ رأسِه بالخَطْميِّ لِيَلينَ (٢). ورُوِيَ عن ابن عمرَ أنّه كان يفعلُ ذلك (٣)، ويَحتمِلُ أن يكونَ هذا من فعل ابن عمرَ بعدَ رَمْي جَمرَةِ العَقَبَة (٤)، وكان رضي الله عنه إذا لَبَّدَ حلَق، فإنّما كان فِعلُه ذلك، واللهُ تعالى أعلمُ، عَوْنًا على الحَلْق.

واحتَجَّ بعضُ المُتأخِّرين على جوازِ غَسْلِ المُحرِم رأسَه بالخَطْمِيِّ بأنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمَر بالمُحرم المَيِّتِ أنْ يَغْسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ، وأمَرهم أن يُجَنِّبُوه ما يَجتنِبُ المُحرِمُ (٥). قال: فدلَّ ذلك على إباحةِ غسلِ رأسِ المُحرِم بالسِّدْرِ. قال: والخَطْميُّ في معناه.

قال أبو عُمر: هذا حديثٌ اختلَف الفقهاءُ في القول به، وليس هذا موضعَ الكلام فيه. واختلَفوا أيضًا في دخولِ المُحرِم الحَمّامَ؛ فكان مالكٌ وأصحابُه يكْرَهون ذلك ويقولون: مَن دخَل الحمّامَ، فتدلَّك وأنْقَى الوسَخَ، فعليه الفِدْيَةُ (٦).

وكان الثوريُّ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ، وأبو حنيفةَ، وأبو يوسفَ، ومحمدٌ،


(١) ينظر: بداية المجتهد لابن رشد ٢/ ٩٥.
(٢) ينظر: المصنف لابن أبي شيبة، كتاب الحج، في الرجل يغسل رأسه بخطمي قبل أن يحلقه (١٥١٣٥) و (١٥١٣٧).
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (١٥١٣٤) من طريق نافع عنه.
(٤) وهو كما قال، فالمرويُّ عنه: أنه كان لا يرى بأسًا إذا رمى الجَمْرةَ أن يغسل بالخِطْميّ قبل أن يحلقَه. المصنف لابن أبي شيبة (١٥١٣٤) من الطريق المذكورة في التعليق السابق.
(٥) أخرجه البخاري (١٢٦٧) و (١٢٦٨)، ومسلم (١٢٠٦) من طريق سعيد بن جبير عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "اغسِلُوه بماءٍ وسِدْرٍ، وكَفِّنوه في ثوبين، ولا تُحنِّطُوه، ولا تُخمِّروا رأسَه".
(٦) ينظر: "المدوَّنة ١/ ٤١٣، والبيان والتحصيل لابن رشد ١/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>