للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: إذا اختلَف الجنسان فلا خلافَ عن مالكٍ وأصحابِه أنَّه جائزٌ بيعُ الحيوانِ حينَئذٍ باللَّحم.

وقال أبو حنيفةَ وأبو يوسفَ: لا بأسَ باللَّحم بالحيوانِ، من جنسِه ومن غيرِ جنسِه على كلِّ حالٍ بغيرِ اعتبار (١) وهو قولُ أشهبَ. وقال محمدُ بنُ الحسنِ: لا يَجوزُ إلَّا على الاعتبارِ (٢).

قال أبو عُمر: الاعتبارُ عندَه نحوُ التَّحرِّي عندَ ابنِ القاسمِ، فافهَمْ.

وقال الليثُ بنُ سعدٍ والشافعيُّ وأصحابُه: لا يَجوزُ بيعُ اللَّحم بالحيوانِ على كلِّ حالٍ، من جنسِه ولا من غيرِ جنسِه، على عموم الحديثِ (٣).

قال أبو عُمر: قال الشافعيُّ بهذا الحديثِ وإن كان مرسلًا، وأصلُه ألَّا يَقبلَ المراسيلَ إلا مراسيلَ سعيدِ بن المسيِّبِ، فإنَّه زعَم أنَّه افتَقَدها فوجَدها صِحاحًا.

قال أبو يحيى زكريَّا بنُ يحيى السَّاجِيُّ: سمِعتُ عيسى بنَ شَاذانَ يقولُ: إرسالُ سعيدِ بنِ المسيِّبِ عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- يُوَازِي إسنادَ غيرِه.

وقال المزنيُّ: القياسُ أن يجوزَ، إلَّا أن يَثبُتَ فيه الحديثُ فلا يَجوزُ، اتِّباعًا للأثرِ وتَركًا للقياسِ.

قال أبو عُمر: فقهاءُ المدينةِ على كراهيةِ بيعِ الحيوانِ باللَّحمِ، وهو العملُ عندَهم. وممَّن رُوِي ذلك عنه؛ سعيدُ بنُ المسيِّبِ، وأبو بكرٍ بنُ عبد الرحمنِ بنِ


(١) نقله عنهما الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٤١. وينظر بدائع الصنائع للكاساني ٥/ ١٨٩، والهداية في شرح بداية المبتدي للمرغيناني ٣/ ٦٣.
(٢) ينظر الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ٥/ ٥٥، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٣/ ٤١.
(٣) ينظر الأم للشافعي ٣/ ٢٦، والأوسط لابن المنذر ١٠/ ١٢٥، ومختصر المزني ٨/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>