للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عُمر: قد أوضَحنا مذهبَ مالكٍ وغيرِه في المزابَنةِ في بابِ داودَ بنِ الحُصين (١). ومن ذهَب إلى كراهيةِ بيعِ الحيوانِ بأنواعِ اللُّحومِ، فالحجَّةُ له ظاهرُ الحديثِ؛ لأنَّ حقيقةَ الكلام أن يكونَ على عمومِه، ويُحمَلَ على ظاهرِه، إلَّا أن يُزِيحَه عن ذلك دليل يجبُ التسليمُ لمثلِه.

ورُوي عن ابن عباس في هذا روايتانِ:

إحداهما: إجازةُ بيعِ اللحم بالشاةِ (٢).

والثَّانيةُ: كراهيةُ ذلك (٣). وهو الأشهرُ عنه.

ورُوِي عن ابنِ عباسٍ أيضًا أنَّ جَزورًا نُحِرَتْ على عهدِ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، فقُسِمَتْ على عشَرةِ أجزاءٍ، فقال رجل: أعطوني جُزْءًا بشاةٍ. فقال أبو بكرٍ: لا يَصلُحُ هذا (٤). قال الشافعيُّ: ولا أعلمُ مُخالِفًا من الصحابةِ لأبي بكرٍ في ذلك (٥).

وروَى الثوريُّ أيضًا، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ، أنَّه كرِه أن يُباعَ حَيّ بمَيِّتٍ. يعني الشاةَ المذبوحةَ بالقائمةِ. قال سفيانُ: ولا نرَى به بأسًا.


(١) تقدم في بابه.
(٢) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٨/ ٢٧ (١٤١٦٤) عن معمر عن يحيى بن أبي كثير، عن رجل، عن ابن عباس قال: "لا بأس أن يُباع اللُّحم بالشاة"، وأخرجه أبو بكر عبد الله بن محمد النيسابوري في الزيادات على كتاب المزني (٢٤٣)، وابن حزم في المحلّى ٨/ ٥١٨ من طريق عبد الرزاق، به.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٨/ ٢٨ قال: أخبرنا إسرائيل عن عبد الله بن عصمة، قال: سمعت ابن عباس يسأل عن رجل اشترى عضوًا من جزور برِجْل عناقٍ، واشترط على صاحبها أن يُرضعها أُمَّها حتى تُفطَم، فقال ابن عباس: لا يَصلُح. وأخرجه ابن حزم في المحلّى ٨/ ٥١٨ من طريق عبد الرزاق، به.
(٤) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ٨/ ٢٧ (١٤١٦٥) عن الأسلمي- وهو إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى الأسلمي- عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس، به.
(٥) ينظر مختصر المزني ٨/ ١٧٦، والحاوي الكبير للماوردي ٥/ ١٥٧ - ١٥٨، والمهذب في فقه الإمام الشافعي ٢/ ٣٩، والمجموع شرح المهذب ١/ ٦١ و ١١/ ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>