للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به السِّرْحَانُ (١) مُفْتَرِشًا يدَيْه ... كأَن بَياضَ لَبَّتِهِ الصَّدِيعُ (٢)

وشبَّهَه الشَّمَّاخُ بمَفْرِقِ الرأسِ، فقالَ:

إذا ما اللَّيلُ كان الصبحُ فيه ... أَشَقَّ كمَفْرِقِ الرأسِ الدَّهِينِ (٣)

ويقولون للأمْرِ الواضِحِ: هذا كفَلَقِ الصُّبْحِ، وكانْبِلاجِ الفَجْرِ، وتَباشِيرِ الصُّبْح. قال الشاعرُ:

فوَرَدَتْ قبلَ انْبِلاجِ الفَجْرِ ... وابنُ ذُكاءٍ كامِنٌ في كَفْرِ (٤)

وذُكاءٌ: الشَّمسُ، فسَمَّى الصُّبْحَ ابنَ ذُكاءٍ. والكَفْرُ: ظُلْمِةُ الليلِ، ويُقالُ لِلَّيْلِ: كافِرٌ؛ لتَغْطِيَتِه الأشْياءَ بظُلْمَتِه.

وأمَّا آخِرُ وَقْتِها فكان مالِكٌ فيما حَكَى عنه ابنُ القاسِم يقولُ: آخِرُ وَقْتِ صَلاةِ الصُّبْحِ الإسْفَارُ (٥). كأنَّه ذهبَ إلى هذا الحديثِ، لأنَّه صَلَّاها في اليوم الثاني حينَ أسْفَرَ، ثم قالَ: "ما بين هذَيْنِ وَقْتٌ" فكانَ ظاهِرُ قَوْلِه، أنَّ ما عدَا هذيْنِ فليس بوَقْتٍ. ومَعْنَى قَوْلِه: "ما بين هذيْنِ وَقْتٌ" يريدُ هذَيْنِ وما بينَهما وَقْتٌ.


(١) السرحان: الذئب. الصحاح (سرح).
(٢) البيت في ديوان عمرو بن معدي كرب ص ١٤٢.
(٣) ديوان الشماخ بن ضرار، ص ٧١، ولفظ شطره الأول فيه: إذا ما الصُّبح شَقَّ الليلَ عنه.
وهو في عيار الشعر لابن طباطبا العلوي ص ٤٠، وفي الصناعتين لأبي هلال العسكري، ص ٢٤٧، وأساس البلاغة للزمخشري ١/ ٥١٦، باللفظ المذكور عند المصنف.
(٤) البيت في إصلاح المنطق لابن السّكيت، ص ٩٩، وفي الصحاح، واللسان، وتاج العروس مادة (كفر) منسوبًا لحميد الأرقط، وعزاه الجاحظ في كتاب الحيوان ٥/ ٧١ للعجّاج الراجز المشهور، وهو في بعض مصادر اللغة بلا نسبة لقائل معين كما في مقاييس اللغة لابن فارس (بنو) ١/ ٣٠٣، والمخصص لابن سيده ٢/ ٤٩.
(٥) المدوّنة ١/ ١٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>