للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدَّثنا محمدُ بنُ إسماعيلَ التِّرمذيُّ، قال: حدَّثنا الحميديُّ، قال (١): حدَّثنا سُفيانُ، قال: حدَّثنا الزُّهريُّ، قال أخبَرني سعيدُ بنُ المسيِّب وعَبّادُ بنُ تَمِيمٍ، عن عمِّه (٢) عبدِ الله بنِ زيدٍ، قال: شُكِي إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- الرجلُ يُخيَّلُ إليه الشيءُ في الصلاةِ، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يَنفَتِلُ". وربَّما قال سفيانُ: "لا ينصرفُ حتى يسمعَ صوتًا أو يجدَ ريحًا".

ولا خلافَ عَلِمتُه بينَ علماءِ أهلِ المدينةِ وسائرِ فقهاءِ الأمصارِ أنَّ أحدًا لا يرثُ أحدًا بالشكِّ في حياتِه وموتِه.

وفي هذا الحديثِ أيضًا: دليلٌ على أنَّ الزيادةَ في الصلاةِ لا تُفسِدُها، ما كانت سَهوًا، أو في إصلاح الصَّلاةِ؛ لأنَّ الشَّاكَّ في صلاتِه إذا أمَرناه بالبناءِ على يقينِه -وممكنٌ أنْ يكونَ على اثنتَينِ وهو يشُكُّ هل صلَّى واحدةً أو اثنتَينِ- فغيرُ مأمونٍ عليه أنْ يَزيدَ في صلاتِه رَكْعةً؛ وقد أحكَمتِ السُّنَّةُ أنَّ ذلك لا يَضُرُّه لأنَّه مأمورٌ به.

فإذا كان ما ذكَرنا كما ذكَرنا، بطَل قولُ من قال: إنَّ (٣) مَن زادَ في صلاتِه مثلَ (٤) نصفِها ساهيًا: إنَّ صلاتَه فاسدةٌ. وهذا قولٌ لبعضِ أصحابِنا لا وجْهَ له عندَ الفقهاءِ، ولا قال به أحدٌ من أئمَّةِ الأمصارِ، والصَّحيحُ في مذهبِ مالكٍ غيرُ ذلك، وقد صَلَّى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الظُّهرَ خَمْسًا ساهيًا فسجَد لسهوِه. وحكمُ الرَّكْعةِ والرَّكْعتينِ في ذلك سواءٌ في القياس والنظرِ والمعقولِ؛ ولو كانت الزيادةُ على غيرِ التعمُّدِ والقصدِ للإفسادِ مُفْسِدةً للصلاةِ، وقد قصَد المصلِّي بذلك


(١) في مسنده ١/ ٢٠١ (٤١٣)، وأخرجه البخاري (١٣٧)، ومسلم (٣٦١) من طريق سفيان بن عيينة، به. وهو عند الحميدي (٤١٤)، وأحمد في المسند ٢٦/ ٣٧٦ (١٦٤٥٠)، والبخاري (١٧٧) من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبّاد بن تميم وحده عن عمّه، به.
(٢) في د ١: "أبيه" خطأ بيّن.
(٣) "إن" سقطت من د ١.
(٤) في د ١: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>