للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسجَد فيها كلِّها بعدَ السلام، وعارَضُوا حديثَ ابنِ بُحَينةَ بحديثِ المغيرةِ بنِ شعبةَ، وزعَموا أنَّه أولَى؛ لأنَّ فيه زيادةَ التَّسليم والسجودِ بعدَه. ومِن حُجَّتِهم من جهةِ النظرِ إجماعُ العلماءِ على أنَّ حُكمَ من سَها في صلاتِه ألَّا يَسجُدَ في موضعِ سهوِه، ولا في حالِه تلكَ، وأنَّ حُكمَه أنْ يُؤخِّرَ ذلك إلى آخرِ صلاتِه؛ لتَجمَعَ السجدتانِ كُلَّ سهوٍ في صلاتِه. ومعلومٌ أنَّ السلامَ قد يُمكنُ فيه السهوُ، فواجبٌ أنْ تُؤخَّرَ السجدتانِ عن السلام أيضًا، كما تُؤخَّرُ عنِ التشهُّدِ.

وقال الشافعيُّ، والأوزاعيُّ، والليثُ بنُ سعدٍ: السجودُ كلُّه في الزِّيادةِ والنقصانِ قبلَ السلامِ. وهو قولُ ابنِ شهابٍ، وربيعةَ، ويحيى بنِ سعيدٍ (١). وقال ابنُ شهابٍ (٢): كان آخرَ الأمرينِ من رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- السجودُ قبلَ السلام.

والحجَّةُ لهم حديثُ أبي سعيدٍ الخدريِّ المذكورُ في هذا البابِ، فيه البناءُ على اليقينِ وإلغاءُ الشكِّ، والعلمُ مُحيطٌ أنَّ ذلك إنْ لم يكنْ زيادةً لم يكنْ نُقصانًا، وأمَر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالسجودِ في ذلك قبلَ السلام، وقام مِن رَكْعتَين ولم يجلسْ، وسُبِّح به فتَمادى وسجَد قبلَ السلام. وهذه الآثارُ أثبَتُ ما يُروَى في هذا البابِ من جهةِ النَّقلِ، وفيها السجودُ قبلَ السلام (٣) للنقصانِ وغيرِ النقصانِ. قالوا: فعلِمنا


= وابن ماجة (١٢٠٨) من طريق سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن المغيرة بن شبل، عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة. ومع أن جابرًا الجعفي ضعيف لكن تابعه إبراهيم بن طهمان عند الطحاوي في شرح المعاني ١/ ٤٤٠ فرواه عن المغيرة بن شبل، فعلم أن هذا من صحيح حديثه.
(١) ينظر: الأم للشافعي ١/ ١٥٤، ١٥٥، والأوسط لابن المنذر ٢/ ٥٠١، والمجموع شرح المهذب للنووي ٤/ ١١٠، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٧٧.
(٢) أخرجه الشافعي في القديم كما في السنن الكبرى للبيهقي ٢/ ٣٤٠ عن مطرِّف بن مازن عن معمر، عنه. وقال البيهقي: قول الزهري منقطع لم يُسنده إلى أحدٍ من الصحابة، ومطرِّف بن مازن غير قويّ. وقال ابن حجر في التلخيص الحبير ٢/ ٧ بعد أن نقل قول البيهقي: ولكن المشهور عن الزهري عن فتواه سجود السهو قبل السلام.
(٣) قوله: "قبل السلام" سقط من د ١.

<<  <  ج: ص:  >  >>