للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها ما فيه البَقاءُ، أو ما لا بَقاءَ معه، إذا كان فيها مِن الحياةِ ما يُعْلَمُ به أنَّها لم تَمُتْ. قال: والزَّاعِمُ أنَّ المترديةَ وما أكَلَ السَّبُعُ وفيها الحَياةُ إذا ذُكِّيتْ لا تُؤْكَلُ في حال دون حال (١)، مُدَّعِ على الكتابِ ما لم يَأتِ به الكِتابُ.

قال أبو عُمر: وهذا أيضًا مَذْهَبُ أبي حنيفةَ في هذه الآيةِ، وفي كُلِّ ما تُدْرَكُ ذَكاتُه وفيه حياةٌ -ما كانت الحياةُ- فإنَّه ذَكيٌّ، ومتى ذُكِّيَتْ وأُدْرِكَتْ قبلَ أنْ تموتَ، أُكِلَتْ عندَه.

قال الطَّحاوِيُّ (٢): ورُوِيَ عن أبي يوسف في "الإمْلاءِ": إذا بلَغَ بها ذلك حالًا لا تعيشُ مِن مِثْلِه، لم تُؤْكَلْ. قال: وذكَرَ ابنُ سماعَةَ، عن محمدٍ أنَّه قال: إن كان تعيشُ معه اليومَ ونحوَه، والسَّاعتَيْن والثَّلاثَ ونحوَها، فذَكَّاهَا، حَلَّتْ، وإنْ كانت لا تَبْقَى إلَّا بَقاءَ المذبوحِ لم تُؤْكَلْ، وإنْ ذُبِحَتْ. قال: واحْتَجَّ محمدُ بنُ الحَسَنِ بأنَّ عمرَ بنَ الخَطَّابِ كانت جراحُه مُتْلِفَةً، وصَحَّتْ عهودُه وأوامرُه، ولو قتَلَه قاتِلٌ، كان عليه القَوَدُ. وإلى هذا ذهَبَ الطَّحَاوِيُّ، وزَعَمَ أنَّهم لم يخْتَلِفُوا في الأنْعَام إذا أصابَتْها الأمْرَاضُ المُتْلِفَةُ التي قد تعيشُ معها مُدَّةً قصيرةً أو طويلةً، أنَّها تُذَكَّى، وأنَّها لو صارَتْ في حالِ النزوعِ والاضْطِرَابِ للموتِ، أنَّه لا ذَكاةَ فيها؛ فكذلك القياسُ يَنْبَغِي أنْ يكونَ حُكْمَ المترديةِ ونحوِها. وقال الأوْزَاعِيُّ: إذا كان فيها حياةٌ فذُبِحَتْ، أُكِلَتْ.

قال أبو عُمر: وذهَب قومٌ مِن العلماءِ إلى أنَّ الاستثناءَ في قولِه عزَّ وجلَّ: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}. مُنْقَطِعٌ مِمَّا قبلَه، غيرُ عائدٍ على شيءٍ مِن المذكوراتِ؛ قالُوا:


(١) في د ١: "لا تؤكل"، والمثبت من ق، خ.
(٢) في مختصر اختلاف العلماء ٣/ ٢٠٣ - ٢٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>