للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالاستثناءُ هاهنا ليس من الأوَّل، وهذا مذْهَبُ الخليلِ وسِيبُويَةَ والفَرَّاءِ؛ كلّهم يجْعَلُونَ (١) "إلَّا" هاهُنا بمَعْنَى "لكن"، وأنشَدَ بَعْضُهم لأبي خِرَاشٍ (٢):

أمْسَى سُقَامٌ خَلاءً لا أنِيسَ بهِ ... إلَّا السِّبَاعُ ومَرُّ الرِّيحِ بالغَرَفِ (٣)

أرادَ: إلَّا أنْ يكونَ به السِّباعُ، أو: لكنْ به السِّباعُ وطردُ الرِّيحِ.

وسُقامٌ: وادٍ لهُذَيْلٍ.

ومثلُ هذا أيضًا قولُ الشاعرِ (٤):

وبَلْدَةٍ ليس بها أنيسُ

إلّا اليَعَافيرُ وإلا العيسُ (٥)

أرادَ: لكنْ بها اليَعافِيرُ، وبها العِيسُ، وليسَ بها أنِيسٌ مع هذا.


(١) في ق: "كانوا يجعلون".
(٢) وهو الهُذليّ، واسمه خُويلد بن مُرَّة، وهو من الشعراء المخضرمين، والبيت في ديوان الهذليين ٢/ ١٥٦، والصحاح واللسان مادة (سقم) و (غرف).
(٣) قوله: "والغَرَف" قال الأزهري عن الليث: شجر، فإذا يبس فهو الثُّمام (نوع من الشجر). وقال الأزهريّ: قلت: أمّا الغَرْف بسكون الراء فهي شجرةٌ يُدبغ بها، ونقل عن أبي عبيد قوله: وأمّا الغَرَف -بالفتح- فهو جنسٌ من الثُّمام لا يُدبغ به (تهذيب اللغة ٨/ ١١٠)، والصحاح (غرف).
(٤) وهو عامر بن الحارث النُّمَيريّ، الملقَّب بجِران العَوْد بقوله:
عَمَدْتُ لِعَوْدٍ فالتَحيتُ جِرانَهُ ... ولَلْكَيْسُ أمضى في الأمور وانجَحُ
والعَوْد: الجَمَل المُسِنُّ. والجِرانُ: باطن عُنق البعير، وقيل: صدره، عَمِلَ منه عامرٌ سوطًا يضرب به امرأته، فلقِّب به. والبيت في ديوانه ص ٥٢ بلفظ: "بسابِسًا ليس به أنيسُ"، وفي الكتاب لسيبويه ٢/ ٣٢٢، وتهذيب اللغة للأزهري ١٥/ ٣٠٦ - ٣٠٧. وينظر: المؤتلف والمختلف للدارقطني ١/ ٥٣٤، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين الدمشقي ٦/ ٣٩٠.
(٥) اليعافير: جمع اليعفور: الظَّبْي الذي لونه لونُ العَفَر: وهو التُّراب، وقيل: هو الظَّبيُ عامَّةً، والأنثى يَعْفورة. والعِيْس، بالكسر: الإبل البيض يُخالط بياضها شيءٌ من الشُّقرة، واحدُها أعْيَس، والأنثى عَيْساء. (المحكم لابن سيده ٢/ ١١٦، والصحاح مادة عيس).

<<  <  ج: ص:  >  >>