للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرَةَ (١):

وبعضُ الرِّجَالِ نَخْلَةٌ لا جَنَى لها ... ولا ظِلَّ إلَّا أنْ تُعَدَّ مِنَ النَّخْلِ

يريدُ: لَكِنْ تُعَدُّ مِن النَّخْلِ. وقد يكونُ قولُه: لا أنِيسَ به إلَّا السِّبَاعُ. وليس بها أنِيسٌ إلا اليَعافِيرُ؛ أي: ليس بها أنيسٌ (٢)، ولا اليعافيرُ ولا السِّبَاعُ، فتكونُ "إلَّا" بمَعْنَى "الواوِ"، كما قِيلَ في قولِ الله عزَّ وجلَّ: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا} [البقرة: ١٥٠]. أيْ: ولا الذين ظلموا، وكما قال الشاعرُ (٣):

ما بالمدينَةِ دارٌ غيرُ واحدةٍ ... دارُ الخليفةِ إلَّا دارُ مَرْوانَا

أي: إلَّا دارُ الخَلِيفَةِ ودارُ مَرْوَانَ. هذا كلُّه قد قيلَ كما وصَفْنا في مَعْنَى ما ذكَرْنا وحقيقتِه، إلَّا أنْ يُحْمَلَ على صريح الاستثناءِ؛ إمَّا مُتَّصِلًا ردًّا للأوَّلِ على الآخِرِ، مُخْرِجًا له مِن جملتِه، وإمَّا مُنْقَطِعًا قد فُصِلَ الأوَّلُ مِن الآخرِ، كما قال النابغةُ (٤):


(١) ديوانه، ص ١٣٢.
(٢) قوله: "إلا اليعافير، أي ليس بها أنيس" سقط من م.
(٣) عزاه سيبويه في الكتاب ٢/ ٣٤٠ للفرزدق، ولم نقف عليه في المطبوع من ديوانه، ثم قال: "جعلوا (غير) صفةً بمنزلة (مثل) ومَن جعلها بمنزلة الاستثناء لم يكن له بدٌّ من أن ينصب أحدهما"، وهو في معاني القرآن للفراء ١/ ٩٠ وقال: "كأنه أراد: ما بالمدينة دارٌ إلّا دار الخليفة ودار مروان"، وينظر: المقتضب للمبرِّد ٤/ ٤٢٥، والأصول في النحو لابن السَّراج ١/ ٣٠٣.
(٤) ديوان النابغة الذبياني ص ١٨، قطعة من عجز بيت وصدرٌ من بيت آخر، وقد استشهد بهما سيبويه في الكتاب ٢/ ٣٢١، وذكرهما الفرّاء في معاني القرآن ١/ ٢٨٨، ٤٨٠، والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٢/ ٧٢ و ٣/ ٣٥، وتمام البيتين:
وَقَفتُ فيها أصيلالًا أُسائلُها ... عَيَّتْ جوابًا وما بالرَّبعِ مِنْ أحدِ
إلّا الأواريُّ لَأْيَا ما أُبَيّنُها ... والنُّؤْيُ كالحَوْضِ بالمَظلومةِ الجَلَدِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>