للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروَى (١) حمادُ بنُ زيدٍ، عن محمدِ بنِ الزُّبَيْرِ، قال: قَدِم على رسولِ الله -صلي الله عليه وسلم- الزِّبْرِقَانُ بنُ بَدْرٍ، وعمرُو بنُ الأهْتَمِ، وقَيْسُ بنُ عاصمٍ، فقال رسولُ الله -صلي الله عليه وسلم- لعمرٍو: "أخبِرْني عن الزِّبْرِقَانِ". فقال: هو مُطَاعٌ في نَادِيه، شديدُ العارِضَةِ، مانع لما وراءَ ظَهْرِه. قال الزِّبْرِقَانُ: هو والله يا رسولَ الله يعْلَمُ أنِّي أفْضَلُ منه. فقال عمرو: إنَّه لَزَمِرُ المُرُوءَةِ، ضَيِّقُ العَطَن (٢)، أحْمَقُ الأبِ، لَئِيمُ الخَالِ، يا رسولَ الله، صدَقْتُه في الأُولى، وما كَذَبْتُه في الأُخْرى؛ أرْضَاني فقُلْتُ أحسنَ ما عَلِمْتُ، وأسْخَطَنِي فقلتُ أسْوَأ ما عَلِمْتُ. فقال رسولُ الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن من البيانِ لسِحْرًا" (٣).

وهكذا (٤) رِوايةُ أهلِ الأخبار، المدائنيِّ وغيره، لهذا الخَبَر، إلّا أنَّهم قالوا: "مُطاع في أَدَانيه" كما جاءَ في حديث حَمّاد بنِ زيد، وقرأ الخَبَر كما تقدَّم عن حَمّاد بنِ زيد عن محُمد بن الزُّبير، إلا أنَّهم قالوا: "ما كذبتُ، ولقد صدقتُ في الآخرة، رضيتُ فقلتُ أطيبَ ما عَلِمتُ، وسَخِطتُ فقلتُ أسوا ما عَلِمتُ"، ولم يَذْكُروا قَيْسَ بن عاصم، وإنما ذكروا الزِّبْرِقان وعَمْرو بنَ الأهْتَم. وكذلك في حديث مالك: قدم رَجُلان وهما: "عمرو والزَّبْرِقان"، لا يختلفُ في ذلك أهلُ العِلْم، واللهُ أعلم.


(١) هذه الفقرة بتمامها سقطت من ق و ج، وهي ثابتة في د ١.
(٢) سيأتي المصنف على تفسير هذه المفردات في الآتي من شرحه قريبًا.
(٣) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٧/ ٣٨، وأبو نعيم في معرفة الصحابة ٤/ ٢٠٣٨ (٥١٢١) من طريقين عن حمّاد بن زيد، به.
(٤) هذه الفقرة جاءت بصياغة مختلفة في ق وج، وهي: "وذكَر جماعةٌ من أهلِ الأخبارِ؛ منهم المدائنيُّ وغيرُه، أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعمرِو بنِ الأهْتَم: "أخبِرْني عن الزِّبْرِقَانِ بنِ بَدْرٍ". فقال: هو مُطَاعٌ في أدانيه، شديدُ العارِضَةِ، مانِعٌ لما وراءَ ظَهْرِه. فقال الزِّبْرِقانُ: يا رسولَ الله، إنَّه لَيَعْلَمُ مِنِّي أكثرَ من هذا، ولكِنَّه حسَدنِي. فقال عمرٌو: أمَا والله يا رسولَ الله، إنَّه لَزَمِرُ المرُوءَةِ، ضَيِّق العَطَنِ، أحْمَقُ الوالدِ، لَئيمُ الخالِ؛ ما كذَبْتُ في الأُولَى، ولقد صدَقْتُ في الآخرةِ؛ رَضِيتُ فقُلْتُ أحسنَ ما عَلِمْتُ، وسَخِطْتُ فقلتُ أسْوَأ ما عَلِمْتُ. فقال رسولُ الله -صلي الله عليه وسلم-: "إنَّ من البيانِ لسِحرًا"، والمثبت من د ١ إذ تمثل هذه النسخة النشرة الأخيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>