للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سائرُ المواضع فلا، وذلك الموضعُ وحدَه مخصوصٌ بذلك؛ لأنَّ اللّهَ عزَّ وجلَّ يقولُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: ١٤]. وقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن نامَ عن صلاةٍ أو نَسِيَها، فليُصلِّها إذا ذكَرها" (١)، وهذا على عُمومِه، لم يَخُصَّ موضعًا مِن موضع، إلَّا ما جاءَ في ذلك الوادي خاصَّةً.

وقال آخرون: كلُّ مَن انتبَه إلى صلاةٍ مِن نوم، أو ذكَر بعدَ نسيانٍ، فواجبٌ عليه أنْ يُقيمَ صلاتَه بأعجلِ ما يُمكنِهُ، ويُصلِّيَها كما أُمِر في كلِّ موضع؛ واديًا كان أو غيرَ وادٍ، إذا كان الموضعُ طاهرًا، وسواءٌ ذلك الوادي وغيرُه؛ لأنَّ ذلك كان خصوصًا له -صلى الله عليه وسلم-، وكان (٢) يَعلمُ من حُضورِ الشيطانِ في الموضع ما لا يَعْلَمُ غيرُه، وقد جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "جُعِلت ليَ الأرضُ كلُّها مسجدًا وطهورًا" (٣). ولم يَخُصَّ ذلك الواديَ من غيرِه.

حدَّثنا الحسينُ بنُ يعقوبَ، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ فحلُونَ، قال: حدَّثنا يوسفُ بن يحيى، قال: حدّثنا عبد الملكِ بنُ حبيبٍ، قال: سمِعتُ مُطرِّفًا وابنَ الماجِشُون يقولان: لا يلزَمُ النالسَ أنْ يقتادوا شيئًا إذا استيقَظوا في أسفارِهم وقد طلَعتِ الشمسُ؛ لأنَّهم لا يعلَمون مِن ذلك ما عَلِم رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-. قالا: ومَن ابتُليَ بمثلِ ذلك في ذلك الوادي أو غيرِه، صلَّى فيه ولم يَخرُجْ منه.

قال أبو عُمر: القولُ المختارُ عندَنا في هذا البابِ أنَّ ذلك الواديَ وغيرَه مِن بقاعِ الأرضِ جائزٌ أنْ يُصلَّى فيها كلِّها، ما لم تكنْ فيها نجاسةٌ مُتَيقَّنةٌ تمنَعُ مِن ذلك، ولا معنى لاعتلالِ مَن اعتلَّ بأنَّ موضعَ النَّوم عن الصلاةِ موضعُ شيطانٍ وموضعٌ ملعونٌ لا يجبُ أنْ تُقامَ فيه الصلاةُ؛ لأنَّا لا نعرفُ الموضحَ الذي يَنفكُّ عن الشياطينِ، ولا الموضعَ الذي تحضُرُه الشياطينُ.


(١) سلف تخريجه في باب مالك عن زيد بن أسلم.
(٢) من هنا إلى قوله: "وقد جاء عنه -صلى الله عليه وسلم- ... " لم يرد في ق، وهو ثابت في بقية النسخ.
(٣) سيأتي بإسناد المصنِّف مع تمام تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>