للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِضادَتَيه حجارةً، وجعَلوا يَنقُلون الصَّخرَ (١) وَيرتَجزون، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- معهم ويقولون:

اللَّهُمَّ لا خيرَ إلَّا خيرُ الآخِرَهْ ... فاغفِرْ للأنصارِ والمُهاجِرَهْ

وأخبَرنا عبدُ الله بنُ محمدٍ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرٍ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال (٢): حدَّثنا موسى بنُ إسماعيلَ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سلمَةَ، عن أبي التَّيَّاح (٣)، عن أنسِ بن مالكٍ.

وذكَره أبو بكرٍ بنُ أبى شيبةَ، قال (٤): حدَّثنا يزيدُ بنُ هارونَ، قال: حدَّثنا حمَّادُ بنُ سلمَةَ، عن أبي التَّيَّاح، عن أسىٍ، قال: "كان موضعُ مسجدِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- حائطًا لبني النَّجَّارِ، فيه خِرَب، ونخل، وقبورُ المشركين، فقال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ثامنُوني". فقالوا: لا نَلتمِسُ به ثمنًا إلَّا عندَ الله. فأمَر رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- بالنخلِ فقُطِع، وبالخِرَبِ فسُوِّيَ، وبقبورِ المشركين فنُبِشَتْ، قال: وكان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُصلِّي حيثُ أدركَتْه الصلاةُ، وفي مرابضِ الغنم.

فهذا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قد بنَى مسجدَه في موضعِ مقبرةِ المشرِكينَ، ولو جاز أنْ يَخُصَّ مِن المقابرِ مقبرةً، لكانت مقبرةُ المشركين أوْلَى بالخصوصِ والاستثناء مِن أجلِ هذا الحديثِ، وكلُّ مَن كَرِه الصلاةَ في المقبر لم يخُصَّ مقبرةً من مقبرةٍ؛ لأنَّ الألِفَ واللَّامَ في المقبر والحَمَّام إشارةٌ إلى الجنسِ، لا إلى المعهودِ، ولو كان بينَ مقبرة المسلمين والكفّارِ فَرق، لبَيَّنَه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- ولم يُهمِلْه؛ لأنَّه


(١) في ق: "الصخر والحجر".
(٢) في سننه (٤٥٤).
(٣) هو يزيد بن حُميد الضُّبَيعي، من الثقات الأثبات.
(٤) في المصنف (١٢٢٢١) دون قوله في آخره: "وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُصلي حيث أدركته الصلاة، وفي مرابض الغنم"، إلّا أن هذا القول وقع عند أحمد في مسنده ١٩/ ٢٦٩ - ٢٧٠ (١٢٢٤٢) فيما أخرجه عن يزيد بن هارون بالإسناد نفسه.

<<  <  ج: ص:  >  >>