للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ وهبٍ: سُئِل مالكٌ: هل كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حينَ نام عن صلاةِ الصبح حتى طَلَعتِ الشمسُ رَكَع ركعتي الفجرِ؟ قال: ما عَلِمتُ.

قال أبو عُمر: ليسَ في رِوايةِ مالكٍ رحِمه اللهُ، لا في حديثِ زيدِ بنِ أسلمَ هذا، ولا في حديث ابنِ شِهابٍ عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- رَكَع يومَئذٍ ركعتي الفجرِ قبلَ صلاةِ الصُّبح، وإنَّما صارَ في ذلك إلى ما روَى، وعليه جمهورُ أصحابِه، إلَّا أشهَبَ وعليَّ بنَ زِيادٍ، فإنَّهما قالا: يركعُ ركعتي الفجرِ قبلَ أن يُصلِّيَ الصُّبحَ. قالا: وقد بلَغنا ذلك عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-يومَئذٍ. وكذلك قال الشافعيُّ، وأبو حَنيفةَ، والثوريُّ، والحسنُ بنُ حَيٍّ. وهو قولُ جماعةِ أهل الحديث (١). وإليه ذهبَ أحمدُ، وأبو ثورٍ، وداودُ؛ لما رُوِي في ذلك عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن حديثِ عِمرانَ بنِ حُصينٍ وغيرِه.

وقد كان يجبُ على أصلِ مالكٍ أنْ يركَعَهما قبلَ أنْ يُصلِّيَ الصبحَ؛ لأنَّ قولَه فيمَن أتَى مسجدًا قد صُلِّيَ فيه: لا بأسَ أنْ يتطوَّعَ قبلَ المكتوبةِ إذا كان في سَعةٍ مِن الوقتِ (٢). وكذلك قال أبو حنيفةَ وأصحابُه، والشافعيُّ، وداودُ، إذا كان في الوقتِ سَعةٌ (٣).

وقال الثوريُّ: ابدَأْ بالمكتوبةِ، ثم تطوَّعْ بما شئتَ. وقال الحسنُ بنُ حيٍّ: يبدأُ بالفريضةِ، ولا يتطوَّعُ حتى يَفرُغَ مِن الفريضةِ. قال: فإن كانتِ الظهرَ، فرَغ منها ثم مِن الركعتينِ بعدَها، ثم يُصلِّي الأربعَ التي لم يُصلِّها قبلَ الظهرِ (٤).


(١) في ق، ج، خ: "أصحاب الحديث"، والمثبت من د ١.
(٢) المدوّنة لابن القاسم ١/ ١٨٨. والتهذيب في اختصار المدوّنة لخلف بن أبي القاسم القيرواني ١/ ٢٦٦.
(٣) ينظر: الأصل المعروف بالمبسوط لمحمد بن الحسن الشيباني ١/ ١٦٥، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٥٩.
(٤) ونقل القول عنهما في ذلك الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>