للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الليثُ بنُ سعدٍ: كلُّ واجبٍ مِن صلاةِ فريضةٍ، أو صلاةِ نذرٍ، أو صيامٍ، أنَّه يَبدَأُ بالواجِبِ قبلَ النَّفلِ. وقد رُوي عنه خلافُ هذا مِن روايةِ ابنِ وهبٍ أيضًا، قال ابنُ وهبٍ: سمِعتُ الليثَ بنَ سعدٍ يقولُ في الذي يدرِكُ الإمامَ في قيام رمضانَ ولم يُصلِّ العشاءَ: إنَّه يدخُلُ معهم ويُصلِّي بصلاتِهم، فإذا فرَغ صلَّى العشاءَ. قال: وإنْ عَلِم أنَّهم في القيام قبلَ أنْ يدخُلَ في المسجِدِ، فوجَد مكانًا طاهرًا، فليُصلِّ العشاءَ، ثم لْيدَخُلْ معهم في القيام (١).

قال أبو عُمر: ويَجِيءُ على ما قدَّمنا مِن قولِ مالكٍ، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وداودَ، فيمَن أتَى المسجدَ وقد صلَّى أهلُه، وفي الوقتِ سَعَةٌ: أنَّه لا بأسَ أنْ يتطَوَّعَ قبلَ المكتوبةِ، مثلَ قولِ اللَّيثِ فيمَن أدرَك القومَ في قيام رمضانَ، سواءً، إلَّا أنَّه لا (٢) ينبَغي له أنْ يُوتِرَ معهم، وإنْ أوتَر معهم، لَزِمه إعادَةُ الوَترِ بعدَ صلاةِ العشاءِ، ووَترُه قبلَ صلاةِ العشاءِ كلا وَترٍ؛ لأنَّه قبلَ وقتِه (٣).

وأمَّا قولُه في الحديثِ: "إنَّ اللهَ قبَض أرواحَنا، ولو شاء لَرَدَّها إلينا في حينٍ غيرِ هذا"، فإنَّ العلماءَ اختَلَفوا في الرُّوح والنفسِ؛ هل هما شيءٌ واحدٌ أو شيئانِ؛ لأنَّه قد جاء في الحديثِ: "إنَّ اللهَ قبَض أرواحَنا"، وجاء في حديثِ سعيدِ بنِ المُسيِّبِ قولُ بلالٍ: أخَذ بنَفْسي الذي أخَذ بنَفْسِك (٤). فقال جماعةٌ مِن أهلِ العلمِ: الرُّوحُ والنَّفْسُ شيءٌ واحدٌ. ومِن حُجَّتِهم قولُ الله عزَّ وجلَّ:


(١) نقل القولين المذكورين عن الليث الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ١/ ٢٥٩.
(٢) سقط حرف النفي من د ١، ق، وإثباته من ج أولى.
(٣) ينظر في ذلك: المدوّنة ١/ ٢١٣، والأوسط لابن المنذر ٤/ ٢٥٠، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ١/ ٢٥٩.
(٤) أخرجه مالك في الموطأ ١/ ٤٥ (٢٥) عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب مرسلًا، وأخرجه موصولًا مسلم (٦٨٠) (٣٠٩) من طريق يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. وسيأتي مع تمام تخريجه ومزيد كلام عليه في بابه.

<<  <  ج: ص:  >  >>