للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ} [الزمر: ٥٦]. ومثلُ هذا في القرآن كثيرٌ. قالوا: والرُّوحُ لم تُخاطَبْ ولم تُؤمَرْ ولم تُنهَ في شيءٍ مِن القرآنِ، ولم يَلحَقْها شيءٌ مِن التوبيخِ كما لَحِقَ النَّفْسَ في غيرِ آيةٍ مِن كتابِ الله. وتأوَّلوا في قولِ بلالٍ؛ أيْ: أخَذ بنَفْسي مِن النوم ما أخَذ بنَفْسِك.

وذكَر سُنيدٌ (١)، عن حجَّاج، عن ابنِ جُريجٍ في قولِ الله عزَّ وجلَّ: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ} الآية [الزمر: ٤٢]. قال: في جَوْفِ الإنسانِ رُوحٌ ونَفْسٌ، بينَهُما مثلُ شُعاعِ الشَّمسِ، فإذا تَوفَّى اللهُ النفسَ، كان الرُّوحُ في جَوفِ الإنسانِ، فإذا أمسَك اللهُ نَفْسَه، أخرَج الرُّوحَ مِن جَوفِه، فإنْ لم يُمِتْه، أرسَل اللهُ نَفْسَه فرجَعتْ إلى مكانِها قبلَ أنْ يستيقِظَ. قال ابنُ جُريج: وأُخبِرتُ عنِ ابنِ عباسٍ نحوَ هذا الخبرِ.

وذكَر عبدُ المنعم بنُ إدريسَ، عن وَهْبِ بنِ مُنبِّهٍ: أنَّه حكَى عن التَّوراةِ في خَلقِ آدمَ عليه السَّلامُ، قال اللهُ عزَّ وجلَّ: حينَ خَلَقتُ آدمَ، رَكَّبتُ جَسَدَه مِن رَطْبٍ ويابسٍ، وسُخْنٍ وباردٍ، وذلك لأنِّي خلَقتُه مِن ترابٍ وماءٍ، ثُمَّ جعَلتُ فيه نفْسًا ورُوحًا، فيُبوسةُ كلِّ جسدٍ خِلقتُه مِن الترابِ (٢)، ورطوبَتُه مِن قِبَلِ الماءِ، وحرارَتُه مِن قِبَلِ النفسِ، وبرودَتُه مِن قِبَلِ الرَّوح، ومن النفسِ حِدَّتُه وشهوتُه، ولهوُه ولَعِبُه، وضَحِكُه وسَفَهُه، وخِداعُه وعُنفُه وخُرقُه، ومِن الروحِ حِلمُه ووَقارُه، وعفافُه وحياؤُه، وفهمُه وتكَرُّمُه، وصدقُه وصبرُه (٣).

وأخبَرَنا عبدُ الوارثِ بنُ سفيانَ، قال: أخبَرَنا قاسمُ بنُ أصبَغَ، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ السلام، قال: حدَّثنا المُسيَّبُ بنُ واضح، قال: حدَّثنا


(١) سُنيد بن داود المِصِّيصي، أبو عليّ المحتسب، واسمُه: الحسين، وسُنيد لقبٌ غَلَب عليه. ضعيف يُعتبر به، وشيخُه: هو حجّاج بن محمد المِصِّيصيّ الأعور ثقة ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره.
(٢) في المجالسة للدينوري ٤/ ٢٧٤ (١٤٣٦): "فيُبوسَةُ كلِّ جسَدٍ من قِبَل التُّراب".
(٣) أخرجه الدَّينوري في المجالسة ٤/ ٢٧٤ (١٤٣٦) من طريق عبد المنعم بن إدريس بأتمَّ ممّا هنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>