للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالقَذْف (١). وهو قولُ مالكٍ إذا كان مفهومًا مِن ذلك التَّعْرِيضِ مُرَادُ القاذِفِ (٢)، وللكلام في هذه المسألةِ مَوْضِعٌ غيرُ هذا.

واختلَف الفُقهاءُ في حُكم مَن قذَفَ امرأتَه برجلٍ سمَّاه؛ فقال مالكٌ: ليس على الإمام أن يُعْلِمَ المقْذُوفَ (٣). وهو أحَدُ قَوْلي الشافعيِّ (٤). والحُجَّةُ لمن ذهَب هذا المذهبَ قولُ الله عز وجل: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: ١٢]؛ ولأنَّ العَجْلانيَّ رمَى امرأته بشَريكِ بنِ سَحْمَاء، فلم يَبعَثْ فيه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولا أعلَمَه.

وقالت طائفةٌ: عليه أن يُعْلِمَه؛ لأنّه مِن حُقُوقِ الآدَمِيِّين (٥). وقد رُويَ ذلك عن الشافعيِّ، واحتَجَّ مَن قال بهذا القولِ بقولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-: "واغْدُ يا أُنَيْسُ على امرأةِ هذا، فإن اعتَرفَتْ فارجُمْها" (٦).


(١) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٣٩٢ (٢٣٩٩) عن أبي الرِّجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النُّعمان الأنصاري، عن أُمّه عَمرةَ بنت عبد الرحمن: أنّ رجلين استبّا في زمان عمرَ بنِ الخطّاب، فقال أحدُهما للآخر: والله ما أبي بزانٍ، ولا أُمّي بزانيةٍ، فاستشار بذلك عمرُ بن الخطّاب. فقال قائلٌ: مَدَح أباه وأُمَّه، وقال آخرون: قد كان لأبيه وأُمِّه مدحٌ غيرُ هذا، نرى أن تجلدَه الحدَّ، فجلَدَه عمرُ الحدَّ ثمانين.
(٢) ينظر: المدوَّنة ٤/ ٤٩٤.
(٣) ينظر: الذَّخيرة للقرافي ٤/ ٢٩٢، والتاج والإكليل لمختصر خليل لمحمد بن يوسف العبدري الغرناطي ٥/ ٤٦٢.
(٤) قال في الأُمّ: ولا للإمام إذا رمى رجلٌ رجلًا، أو حدًّا أن يبعث إليه ويسأله عن ذلك، لأنّ الله عزّ وجلَّ يقول: {وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: ١٢]. وينظر: الحاوي للماوردي ١١/ ٦٩ - ٧٠.
(٥) ينظر: تفصيل القول في هذه المسألة: الحاوي الكبير للماوردي ١١/ ٦٩ - ٧٠
(٦) أخرجه مالك في الموطأ ٢/ ٣٨٣ (٢٣٧٩) عن ابن شهاب، عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهنيِّ رضي الله عنهما. ومن طريق مالك أخرجه البخاري (٦٦٣٣) و (٦٨٤٢)، وسيأتي تمام تخريجه مع مزيد كلام عليه في الحديث الثامن من أحاديث ابن شهاب عن عبيد الله بن عتبة.

<<  <  ج: ص:  >  >>