للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأحمدَ، وإسحاقَ، وأبي عُبَيْدٍ، وأبي ثورٍ، وداودَ (١). والحُجَّةُ لهم أنَّ اللَّعانَ يُوجِبُ فَسْخَ النكاح، فأشْبَهَ الطلاقَ، وكلُّ مَن يجوزُ طَلاقُه يجوزُ لعَانُه، واللِّعانُ أيمانٌ ليس بشهادةٍ، ولو كان شهادَةً، ما سُوِّيَ فيه بينَ الرجلِ والمرأةِ، ولكانتِ المرأةُ على النصفِ مِن الرجلِ، ولا يَشْهَدُ أحَدٌ لنفسِه، وقد سَمَّى اللهُ أيمانَ المنافِقينَ شهادةً، بقوله: {نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١]. وقال {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المجادلة: ١٦، المنافقون: ٢]. ومن جِهَةِ القِياسِ والنَّظَرِ مُحالٌ أنْ يَنتَفيَ عنه ولَدُ الحُرَّةِ المسلمةِ باللِّعانِ، ولا يَنْتفيَ عنه ولَدُ الأمَةِ أو الكتابِيَّةِ باللِّعان.

وفيه أنَّ الحاكِمَ يُحْضِرُ مع نفسِه للتلاعُنِ قومًا يَشهَدون ذلك، ألا ترَى إلى قولِ سَهْلِ بنِ سعدٍ (٢): فتَلاعَنا وأنا مع الناسِ عندَ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-. وفي شُهُودِ سَهْلِ بنِ سَعْدٍ لذلك دليلٌ على جوازِ شُهُودِ الغِلمانِ والشُّبَّانِ التَّلاعُنَ مع الكُهُولِ والشُّيوخ بينَ يَدَي الحاكِم؛ لأنَّ سَهْلًا كان يومَئذٍ غُلامًا.

قال أبو عمر: ما أدرَكَ سهلُ بنُ سعدٍ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- إلّا وهو غلامٌ صغيرٌ.

وأخبرنا عبدُ الوارِثِ (٣)، قال: حدَّثنا قاسِمٌ، قال: حدَّثنا أحمدُ بنُ زهيرٍ، قال (٤): حدَّثنا عبيدُ الله بنُ عمرَ، قال: حدَّثنا يزيدُ بنُ زُريع، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ إسحاقَ، عن الزُّهريِّ، قال: قلتُ لسهلِ بنِ سعدٍ: ابنُ كم أنت يومئذٍ؟ -يعني يومَ المتلاعِنَينِ- قال: ابنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سنةً.


(١) ينظر: الأمّ للشافعي ٧/ ٢٧، ومسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح ٣/ ٥٨ (١٣٣٤)، واختلاف الفقهاء بن نصر المروزي ص ٣٧٨.
(٢) من هنا إلى قوله: "سهل بن سعد" سقط كله من د ١، وهو ثابت في ج، وهو قفز نظر.
(٣) هو عبد الوارث بن سفيان بن جبرون، وشيخه هو قاسم بن أصبع البيّاني.
(٤) في تاريخه الكبير ١/ ٢٦٥ (٩٢٣ أ)، به. وذكره المزِّي في تهذيب الكمال ١٢/ ١٨٩ عن محمد بن إسحاق، به. وينظر: المجموع شرح المهذّب للنووي ١٧/ ٤٤٢.
وهو عند البخاري (٦٨٥٤) من طريق سفيان بن عيينة، عن الزهريِّ، عن سهل بن سعد، قال: شهدتُ المتلاعنين وأنا ابن خمسَ عشرة سنةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>