للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي حديثِ العَجْلانيِّ ما يَدُلُّ على ذلك؛ لقوله: إن سكَتُّ سكَتُّ على غَيْظٍ، وإن قَتلتُ قُتِلتُ، وإن نَطَقْتُ جُلِدْتُ (١)، وقولِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- له: "عَذابُ الدُّنيا أهوَنُ مِن عذابِ الآخرةِ" (٢). ومِن جِهةِ القِياسِ أيضًا أنَّه لما لحِق الزوجةَ مِن العَارِ بقَذفِ الزوج لها مثلُ ما لحِقَ الأجنَبِيَّة، وجَبتِ التَّسويَةُ بينهما.

واختلفوا هل للزوج أن يُلاعِنَ مع شُهودِه؟ فقال مالكٌ والشافعيُّ: يُلاعِنُ، كان له شُهودٌ أو لم يكنْ؛ لأنَّ الشُّهودَ ليس لهم عَملٌ إلّا دَرءُ الحدِّ، وأمَّا رفعُ الفِرَاشِ ونَفيُ الوَلَدِ فلا بُدَّ فيه مِن اللِّعانِ (٣). وقال أبو حنيفةَ وأصحابُه: إنّما جُعِل اللِّعانُ للزوج إذا لم يكنْ له شُهداءُ غيرَ نفسه (٤).

واختلفوا إذا أكذَبَ نفسَه المُلاعِنُ، هل له أنْ يُراجِعَها إذا جُلِد الحدَّ؟ فأجاز ذلك حمَّادُ بنُ أبي سليمانَ، وأبو حنيفةَ، ومحمدُ بنُ الحسنِ. قالوا: يكونُ خاطِبًا مِن الخُطَّاب (٥).

وقال مالكٌ، والثوريُّ، والأوزاعيُّ، والحسنُ بنُ حَيٍّ، والليثُ بنُ سعدٍ، والشافعيُّ، وأبو يُوسُفَ، وزُفَرُ، وأحمدُ وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، وأبو عبيدٍ:


(١) أخرجه أحمد في المسند ٧/ ١٠٥ (٤٠٠١)، ومسلم (١٤٩٥) (١٠)، وأبو داود (٢٢٥٣)، وابن ماجة (٢٠٦٨) من طُرقٍ عن الأعمش سليمان بن مهران، عن إبراهيم بن يزيد النخعيّ، عن علقمة بن قيس النخعيّ، عن ابن مسعود رضي الله عنه، وسيأتي بإسناد المصنِّف في سياق شرحه للحديث السادس والأربعين من أحاديث نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٨/ ٣١٩ - ٣٢٠ (٤٦٩٣)، ومسلم (١٤٩٣) (٤)، والترمذي (١٢٠٢)، والنسائي في المجتبى (٣٤٧٣)، وفي الكبرى ٥/ ٢٨٢ (٥٦٣٧) من حديث ابن سعيد بن جُبير عن ابن عمر رضي الله عنهما.
(٣) ينظر: الأمّ ٥/ ٣١٥، ومختصر المُزني في (باب في الشهادة في اللِّعان) ٨/ ٣١٩.
(٤) ينظر: المبسوط للسرخسي ٧/ ٥٥.
(٥) ينظر: المبسوط للسَّرخسي ٧/ ٤٣، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢٧/ ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>