للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجتمِعانِ أبدًا، سواءٌ أكذَب نفسَه أو لم يُكْذِبْها، ولكنَّه إن أكْذَب نفسه جُلِد الحدَّ، ولحِق به الولدُ ولا يجتَمِعانِ أبدًا (١).

ورُويَ ذلك عن عمرَ بنِ الخطابِ، وعليِّ بنِ أبي طالبٍ، وابنِ مسعودٍ (٢)، وبه قال أكثرُ علماء التابعين بالمدينة.

ورُويَ مثلُ قولِ أبي حنيفةَ في هذه المسألةِ عن سعيدِ بنِ جبيرٍ، وسعيدِ بنِ المسَيِّبِ، وإبراهيمَ، وابنِ شهابٍ (٣)، على اختلافٍ عن إبراهيمَ وابنِ شهابٍ (٤) في ذلك؛ لأنّه قد رُوي عنهما أنَّ المتلاعِنَين لا يَتناكَحانِ أبدًا. وكذلك قال الحسنُ البصريُّ (٥).

وقال الشَّعبيُّ، والضَّحاكُ: إذا أكْذَبَ نفسَه جُلِد الحدَّ ورُدَّتْ إليه امرأتُه (٦). وهذا عندي قولٌ ثالِثٌ خِلافُ مَن قال: يكونُ خاطِبًا مِن الخطَّابِ. وخِلافُ مَن قال: لا يجتمِعانِ أبدًا.

قال أبو عمر: التلاعُنُ يقتَضي التباعُدَ، فإذا حصَلا مُتَباعِدَينِ لم يَجُزْ لهما أن يجتَمِعا أبدًا، وقد قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا سبيلَ لكَ عليها". وفي قولِه هذا


(١) ينظر: الأم للشافعي ٥/ ١٣٩، ومختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢/ ٥٠٦.
(٢) الخبر في ذلك عن عمرَ وعليٍّ وابن مسعود أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٧/ ١١٢ (١٢٤٣٣) و (١٢٤٣٤) و (١٢٤٣٦)، وابن أبي شيبة في المصنَّف (١٧٦٥٧) و (١٧٦٥٨)، وابن المنذر في الأوسط ٩/ ٤٨٩ (٧٧٧٣) و (٧٧٧٤) و ٩/ ٤٩٠ (٧٧٧٥)، والبيهقي في الكبرى ٧/ ٤٠٩ (١٥٧٥٠) من طرق عديدة عنهم، وبألفاظ مقاربة.
(٣) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٧/ ١١١ (١٢٤٣٠) و (١٢٤٤٠) و (١٢٤٤٣)، والمصنَّف لابن أبي شيبة (١٧٦٦٨).
(٤) ينظر: المصنَّف لعبد الرزاق ٧/ ١١٢ (١٢٤٣٧) و (١٢٤٣٨)، والمصنَّف لابن أبي شيبة (١٧٦٦٦).
(٥) ينظر: مصنّف ابن أبي شيبة (١٧٦٦٧).
(٦) كذا ذكر عنه، ولكن أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١٧٦٦٥) عن وكيع، عن سفيان الثوري، عن جابر -وهو ابن يزيد الجعفي- عن الشعبي قوله: المتلاعنان لا يجتمعان.

<<  <  ج: ص:  >  >>