للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلَف الفقهاءُ في اعتبارِ المذكوراتِ (١) في هذا الحديثِ، وفي المعنى المقصودِ إليه بذكرِها؛ فقال العراقيُّون: الذَّهبُ والورقُ المذكوران في هذا الحديثِ موزونان، وهما أصلٌ لكلِّ موزونٍ، فكلُّ موزونٍ مِن جنسٍ واحدٍ لا يجوزُ فيه التَّفاضلُ ولا النَّساءُ بوجهٍ من الوجوهِ، قياسًا على ما أجمَعت الأمَّةُ (٢) عليه مِن أنَّ الذَّهبَ والورقَ لا يجوزُ التَّفاضلُ في الجنسِ الواحدِ منهما، ولا النَّساءُ بعضُه ببعضٍ. فإذا كان الموزونُ جنسين مختلفين فجائزٌ التَّفاضلُ بينهما، ولا يجوزُ النَّساءُ بوجهٍ من الوجوهِ؛ قياسًا على الذَّهبِ بالورقِ المجتمَع على إجازةِ التَّفاضلِ فيهما وتحريم النَّساء؛ لأنَّهما جنسان مختلفان.

قالوا: والعلَّةُ في البُرِّ والشَّعيرِ والتَّمرِ الكيلُ، فكلُّ مكيلٍ مِن جنسٍ واحدٍ فغيرُ جائزٍ فيه التَّفاضلُ ولا النَّساءُ؛ قياسًا على ما أجمَعت الأمَّةُ عليه في أنَّ البُرَّ بالبُرِّ بعضَه ببعضٍ، والشَّعيرَ والتَّمرَ لا يجوزُ في واحدٍ منهما بعضِه ببعضٍ التَّفاضلُ ولا النَّساءُ بحالٍ. فإذا اختلَف الجنسانِ جازَ فيهما التَّفاضلُ، ولم يَجُزِ النَّساءُ على حالٍ، وسواءٌ كان المكيلُ أو الموزونُ مأكولًا أو غيرَ مأكولٍ، كما لا يجوزُ ذلك في الذَّهبِ والورقِ (٣).

وقال الشَّافعيُّ: أمَّا الذَّهبُ والورقُ فلا يُقاسُ عليهما غيرُهما؛ لأنَّ العلَّةَ التي فيهما ليست موجودةً في شيءٍ مِن الموزوناتِ غيرِهما، فكيفَ تُرَدُّ قياسًا عليهما؟


= برفعه، قال الترمذي بإثره: وروى داود بن أبي هند هذا الحديث عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر موقوفًا. وقال البيهقي في الكبرى ٥/ ٢٨٤ بعد أن أخرجه (١٠٨٢٠): "والحديث يتفرَّد برفعه سماك بن حرب عن سعيد بن جُبير من بين أصحاب ابن عمر". وسيأتي بإسناد المصنِّف أيضًا في سياق شرحه للحديث السابع والستِّين من أحاديث نافع عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه.
(١) في د ١: "المذكور".
(٢) قوله: "الأمة" لم يرد في د ١.
(٣) ينظر: مختصر اختلاف العلماء للطحاوي ٢٣/ ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>