الواحدِ منه، وحرُم النَّساءُ في الجنسين المختلفين دونَ التَّفاضلِ، وما لم يكن مُدَّخرًا قُوتًا مِن المأكولاتِ لم يحرُمْ فيه التَّفاضلُ، وحرُمَ فيه النَّساءُ، سواءٌ كان جنسًا أو جنسين.
قال أبو عمر: وهذا مجتمَعٌ عليه عندَ العلماءِ؛ أنَّ الطَّعامَ بالطَّعام لا يجوزُ إلّا يدًا بيدٍ، مُدَّخرًا كان أو غيرَ مُدَّخرٍ، إلّا إبراهيمَ ابنَ عُليَّة، فإنَّه شذَّ فأجاز التَّفاضلَ والنَّساءَ في الجنسين إذا اختلَفا مِن المكيلِ ومِن الموزونِ؛ قياسًا على إجماعِهم في إجازةِ بيع الذَّهبِ أو الفضَّةِ بالرَّصاصِ، والنُّحاسِ، والحديدِ، والزَّعفرانِ، والمسكِ، وسائرِ الموزوناتِ نساءً. وأجازَ على هذا القياسِ -نصًّا في كُتُبِه- بيعَ البُرِّ بالشَّعيرِ، والشَّعيرِ بالتَّمرِ، والتَّمرِ بالأرُزّ، وسائرِ ما اختلَف اسمُه ونوعُه، بما يخالفُه مِن المكيلِ والموزونِ متفاضلًا، نقدًا ونَسيئةً، سواءٌ كان مأكولًا أو غيرَ مأكولٍ، ولم يجعلِ الكيلَ والوزنَ علَّةً، ولا الأكلَ والاقتياتَ، وقاسَ ما اختلفوا فيه على ما أجمعوا عليه ممَّا ذكرناه. وذكر عن أبيه، عن ابنِ جريج، عن إسماعيلَ بنِ أميةَ وأيوبَ بنِ موسى، عن نافع، عن ابنِ عمرَ، أنّه باع صاعَيْ تمرٍ بالغابةِ بصاع حنطةٍ بالمدينةِ.
وإبراهيمُ ابنُ عليَّة هذا له شذوذٌ كثيرٌ، ومذاهبُ عندَ أهلِ السُّنَّةِ مهجورةٌ، وليس قولُه عندَهم ممَّا يُعدُّ خلافًا، ولا يُعرَّجُ عليه؛ لثبوتِ السُّنَّةِ بخلافِه مِن حديثِ عبادةَ وغيرِه، على ما قدَّمنا في هذا البابِ ذكرَه مِن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فإذا اختلَفت الأصنافُ فبيعوا كيفَ شئتم يدًا بيدٍ، وبيعوا البُرَّ بالشَّعيرِ كيفَ شئتم يدًا بيدٍ، وبيعوا التَّمرَ بالمِلح كيفَ شئتم يدًا بيدٍ".
وحدَّثنا عبدُ الله بنُ محمد بنِ يحيى، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ بكرِ بنِ داسةَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ، قال: حدَّثنا الحسنُ بنُ عليٍّ، قال: حدَّثنا بشرُ بنُ عمرَ، قال: حدَّثنا همَّامٌ، عن قتادةَ، عن أبي الخليلِ، عن مسلم المكِّيِّ، عن أبي الأشعثِ