للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الحديثُ حجَّة على مَن أنكرَ الخرصَ للزكاةِ، ومثلُ حديثِ أبي حُمَيدٍ الساعديِّ في خرصِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه على المرأةِ للزكاةِ -خرَصوا عليها عامَ تبوكَ في حديقتِها عشَرةَ أوسُقٍ (١). وقد ذكرنا الخبرَ في غيرِ هذا الموضع.

وروى ابنُ لهيعةَ، عن أبي الزُّبيرِ، عن جابرٍ، أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "خفِّفوا في الخرصِ، فإنَّ في المالِ العريَّةَ، والواطئةَ (٢)، والأكَلةَ، والوصيَّةَ، والعاملَ، والنوائبَ".

وروى سفيانُ، عن يحيى بنِ سعيدٍ، عن بُشيرِ بنِ يسارٍ، قال: كان عمرُ بنُ الخطَّابِ يأمُرُ الخُرَّاصَ أنْ يَخرُصوا ويرفعوا عنهم قدرَ ما يأكُلون (٣).

وقال الحسنُ: كان المسلمون يُخرَصُ عليهم، ثم يُؤخذُ منهم على ذلك الخرصِ.

والآثارُ عن السَّلفِ في الخرصِ كثيرةٌ جدًّا.

واختلَفَ الفقهاءُ في المساقاةِ أيضًا، فممَّن أجازَها مِن فقهاءِ الأمصارِ؛ مالكٌ، والشَّافعيُّ، وأصحابُهما، وجماعةُ أهلِ الحديثِ، والثوريُّ، والأوزاعيُّ،


(١) أخرجه أحمد في المسند ٣٩/ ١٦ (٢٣٦٠٤)، والبخاري (١٤٨١)، ومسلم (١٣٩٢) من حديث عباس الساعدي، عنه رضي الله عنه.
(٢) الواطئة ذُكر في معناها قولان؛ أحدهما: أنَهم المارّة السابلة، سُمُّوا بذلك لوطئهم الطريق؛ المعنى: استظهروا في الخرْص لما ينُوبُهم من الضِّيفان وغيرهم. والثاني: سُقاطة التمر تقع فتوطأ بالأقدام، فاعِل بمعنى مفعول. قاله ابن الجوزي في غريب الحديث ٢/ ٤٧٤. وعن المعنى الثاني قال الخطابي: "هو أشبَهُ بمعنى الحديث". غريب الحديث له ١/ ٤٣٠. وهذا الحديث عزاه الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير ٢/ ١٧٢ للمصنِّف في كتابنا هذا. ووقع معناه عند الطحاوي في أحكام القرآن (٧٢٧) من طريق جرير بن حازم، عن قيس بن سعد، عن مكحول الشاميّ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذكره مرسلًا.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في المصنَّف ٤/ ١٢٩ (٧٢٢١). وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنَّف (١٠٦٦٣) عن أبي خالد الأحمر سليمان بن حيّان الأزدي، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>