للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبُه، ولا تجوزُ مُساقاةُ الموزِ ولا القصبِ. حكى هذا كلَّه عنه ابنُ القاسم (١)، وابنُ عبدِ الحكم، وابنُ وَهْبٍ.

وقال محمدُ بنُ الحسنِ: تجوزُ المساقاةُ في الطَّلع ما لم يَتَناهَ عَظمُه، فإذا بلَغ حالًا لا يزيدُ بعدَ ذلك لم يجُزْ وإنْ لم يُرطِبْ. وقال في الزرع: جائز مُساقاتُه ما لم يَستَحْصِدْ، فإن استَحصدَ لم يجُزْ (٢).

وقال الشافعيُّ (٣): لا تجوزُ المساقاةُ إلّا في النخلِ والكرم؛ لأنَّ ثمرَها بائنٌ مِن شجرِه، ولا حائلَ دونَه يمنَعُ إحاطةَ النَّظرِ إليه، وثمرُ غيرهما متفرِّقٌ بينَ أضعافِ ورقِ شجرِه، لا يُحاطُ بالنَّظرِ إليه.

وإذا ساقاه على نخل فيها بياضٌ عندَ الشافعيِّ، فإنَّه قال: إن كان لا يوصَلُ إلى عملِ البياضِ إلّا بالدُّخولِ على النَّخلِ، وكان لا يوصَلُ إلى سقيِه إلّا بشِركِ النخلِ في الماءِ، وكان غيرَ مثمر، جاز أن يُساقيَ عليه في النخلِ، لا منفرِدًا وحدَه. قال: ولولا الخبرُ بقصةِ خيبرَ لم يجُزْ ذلك. قال: وليس لمُساقي النخلِ أنْ يزرَعَ البياضَ إلّا بإذْنِ ربِّه، فإنْ فعَل، كان كمَن زرَع أرضَ غيرِه (٤).

واختلَفوا في مُساقاةِ البعلِ (٥)، فأجازَها مالكٌ وأصحابُه، والشافعيُّ،


(١) ينظر: المدوّنة ٣/ ٥٧٧ - ٥٧٩.
(٢) نقله عن الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٢٦، وينظر: تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي ٥/ ٢٨٥، والدرُّ المختار وحاشية ابن عابدين لابن عابدين الدمشقي الحنفي ٦/ ٢٨٩.
(٣) نقله عنه بهذا السِّياق الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء ٤/ ٢٧، وهو بمعناه في الأمّ للشافعي ٤/ ١١، وينظر: مختصر المُزنيّ ٨/ ٢٢٣.
(٤) الأمّ ٤/ ٢١١، وينظر: مختصر المُزنيّ ٨/ ٢٢٣.
(٥) والمراد بالبَعْل مِنَ النَّخْل هنا: ما شَرِب بعُروقه من غير سَقْي سماءٍ ولا نَضْح، وذلك أن تُغرسَ في مواضع قريبةٍ من الماء، فإذا انغرست وتعرَّقت استغنت بعروقها الراسخة في الماء عن السَّقْي.
ينظر الصحاح (بعل)، والزاهر في غريب ألفاظ الشافعي للأزهري الهروي ص ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>