للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجائزٌ عندَهم لواجِدِه أن يَحبِسَ الخُمُسَ لنفسِه إذا كان محتاجًا، وله أن يُعطِيَه للمساكين (١).

قال أبو عُمر: وجهُ هذا عندي من قولهم: إنَّه أحَدُ المساكين، وإنَّه لا يُمكِنُ السلطانَ إن صرَفَه عليهم أن يَعُمَّهم به.

وقال الشافعيُّ: الرِّكازُ: دِفْنُ الجاهلية؛ العُروضُ وغيرُها، وفيه الخُمُسُ، وسواءٌ وجَده في أرضِ عَنْوةٍ أو صُلح، بعدَ ألّا يكونَ في مِلْكِ أحدٍ، فإن وجَده في مِلكِ غيرِه، فهو له إن ادَّعاه، وفيه الخُمُسُ، وإن لم يَدَّعِه فهو للواجِدِ، وفيه الخُمُسُ. قال: وإن أصابَ شيئًا من ذلك في أرضِ الحربِ أو منازلهم، فهو غَنيمَةٌ له وللجيش، وإنَّما يكونُ للواجِدِ ما لا يَملِكُه العَدُوُّ ممّا لا يوجَدُ إلّا في الفَيافي (٢).

قال أبو عُمر: أصلُ الرِّكازِ في اللُّغة: ما ارتَكَز بالأرضِ من الذَّهبِ والفضَّة وسائرِ الجواهر (٣)، وهو عندَ الفقهاء أيضًا كذلك؛ لأنَّهم يقولون في النَّدْرة (٤) التي تُوجَدُ في المعدِن مُرْتَكِزَةً بالأرض، لا تُنالُ بعَمَلٍ ولا بسَعْي ولا نَصَب: ففيها الخُمُسُ؛ لأنّها رِكازٌ. ودَفْنُ الجاهليّةِ لأموالِهم عندَ جماعَةِ العلماء: رِكازٌ، لا يختلِفون فيه، إذا كان دَفنُه قبلَ الإسلام من الأمورِ العاديّة، وأمّا ما كان مِن ضربِ الإسلام، فحُكمُه عندَهم حكمُ اللُّقَطَة، لأنّه مِلْكُ مسلم، لا خِلافَ بينَهم في ذلك، فقِفْ على هذا الأصل (٥).


(١) انظر: مختصر اختلاف الفقهاء للطحاوي ١/ ٤٥٩ - ٤٦٠.
(٢) انظر: الأم ٢/ ٤٧.
(٣) انظر: العين باب الكاف والزاي والراء ٥/ ٣٢٠، والمخصص لابن سيده ٣/ ٢٩٥.
(٤) ضبطها القرافي في الذخيرة بقوله: الندرة، بفتح النون وسكون الدال: المنقطع من الذهب والفضة عن هيئته، ومنه نَدَرَ العظمَ، أي: قطعهُ.
(٥) انظر: الإقناع لابن القطان ١/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>