للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال (١): وأخبرنا مالكٌ، عن محمدِ بنِ عُمارةَ، عن أبي بكرٍ بن حزمٍ، أنَّ عثمانَ بنَ عفانَ، قال: إذا وقَعتِ الحدودُ، فلا شُفْعةَ فيها.

قال (٢): وأخبَرنا معمرٌ والثوريُّ، عن إبراهيمَ بن ميسرةَ، عن عمرَ بنِ عبدِ العزيز، قال: إذا ضُرِبَتِ الحدودُ، فلا شُفْعَةَ فيها.

قال (٣): وأخبرنا ابنُ عُيينةَ، عن إبراهيمَ بنِ ميسرةَ، قال: قلتُ لطاوس: إنَّ عمرَ بنَ عبد العزيز كَتَب: إذا ضُرِبَتِ الحدودُ، فلا شُفْعَةَ. قال طاوسٌ: الجارُ أحقُّ.

قال أبو عُمر: إذا لم تَجبِ الشُّفْعَةُ للشريكِ إذا قسَم وضرَب الحدودَ، كان الجارُ الملاصِقُ - لم يقسِمْ ولا ضرَب الحدودَ - أبعدَ من أنْ يجِبَ ذلك له. فالشُّفْعَةُ واجبةٌ بهذا الحديث في كلِّ أصلٍ مُشاعٍ؛ من رَبْعٍ، أو أرضٍ، أو نخلٍ، أو شجرٍ تمُكِنُ فيه القسمةُ والحدودُ. وهذا - في الشريكِ في المشاعِ دونَ غيرِه - إجماعٌ من العلماء (٤). وفي قضاءِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالشُّفْعَةِ في المشاعِ بعدَ تمام البيع دليلٌ على جوازِ بيع المشاع وإن لم يَتعيَّنْ! إذا عُلِمَ السهمُ والجزءُ. والدليلُ على صحةِ تمام البيع في المُشَاعِ أنَّ العهدةَ إنَّما تجبُ على المبتاع، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "الشُّفْعَةُ فيما لم يُقْسَمْ" دليلٌ على أنَّ ما لا يُقسمُ ولا يُضرَبُ فيه حدودٌ، لا شُفْعَةَ فيه، وهذا ينفي الشُّفْعَةَ أيضًا في الحيوانِ وغيرِه ممّا لا يُقسَمُ، ويُوجِبُها في الأصل الثابتِ في الأرض المُشاع دونَ ما عَدَاه.


(١) عبد الرزاق (١٤٣٩٣).
(٢) عبد الرزاق (١٤٣٩٤).
(٣) عبد الرزاق (١٤٣٩٥).
(٤) الإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان ٢/ ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>